شهد فندق وصال بالعاصمة نواكشوط، اليوم 20 دجنبر 2012، انطلاق الاحتفالية التي ينظمها المركز، حيث تضمن جدول اليوم الافتتاحية الرسمية بالإضافة لإنظلاق المعرض المصاحب لها.
حضر الافتتاح العديد من الشخصيات العلمية وسفراء الدول الشقيقة والصديقة و الأمناء العامون لبعض الوزارات. وقد افتتحت بتلاوة عطرة من القرآن الكريم تلتها كلمة رئيس المركز وكلمة للأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة ومداخلات ضيوف الشرف.
وقد شهد هذا الاحتفال الإعلان عن اطلاق المركزلمكتبة رقمية لمؤلفات الفقيه محمد يحيى الولاتي. كما تم على هامشها عرض مخطوطات نادرة من تآليف الرجل.
نص خظاب الافتتاح
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على أشرف خلقه وعلى آله وصحبه وسلم
السيد الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة،
السيد الأمين لوزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي،
السيدة الأمينة العامة للوزارة المنتدبة المكلفة بالتعليم الأساسي
أصحاب السعادة السفراء،
ضيوفنا الكرام،
السادة والسيدات المدعوين مع حفظ الأسماء والألقاب،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
يسعد مركز البحوث والدراسات الولاتية الذي أتشرف برئاسته أن يستقبلكم اليوم لتشهدوا معه انطلاق أعمال هذه التظاهرة المباركة التي ينظمها احتفاء بمرور مائة عام على وفاة علم بارز من أعلام هذه الأرض المعطاء الخيرة هو الفقيه محمد يحيى الولاتي.
لقد أسست هذا المركز مجموعة من الباحثين الجادين يسعون من خلاله إلى المساهمة بكل الوسائل المادية والعلمية المتاحة و بالتنسيق مع جميع الهيئات العمومية والخصوصية الوطنية والدولية ذات الأهداف والاهتمامات المماثلة في جمع وتوثيق وإخراج وإحياء التراث الحضاري الولاتي بمختلف جوانبه. وهي لعمري أهداف نبيلة سامية تستحق التضحية والمؤازرة.
وتشاء الصدف أن تتزامن انطلاقة أعمال المركز مع ذكرى مرور مائة سنة على وفاة الفقيه الولاتي محمد يحيى بن محمد المختار بن الطالب عبد الله النفاع الذي يعد بحق نموذجا ناصعا لتميز وأصالة علماء هذه البلاد الذين تحدوا بجدارة معوقات النهضة من قسوة في الطبيعة وشح في الوسائل ونأي عن المراكز الكبرى للثقافة وغياب أية سلطة مركزية، ففرضوا لأنفسهم ولبلادهم حضورا متميزا في الثقافة العربية الإسلامية مافتئ إلى اليوم يبهر الباحثين ويثير إعجابهم.
لقد عكست مسيرة الفقيه محمد يحيى العلمية الحافلة بالإنتاج الفكري الموسوعي درجة عالية من استيعاب الموروث الثقافي لزمانه وقدرة فائقة على توظيف الأدوات المعرفية المكتسبة منه، ووسعت دائرة التجديد والإصلاح لديه مختلف مجالات النشاط العملي في عصره من أدب ولغة وعقيدة وفقه وتصوف...
ومن هذا المنطلق عمد الرجل إلى تشريح الممارسات التي درج عليها قومه ومن حولهم في القضاء والسياسة والسلوك يزنها بميزان الشرع الحنيف وفق منهج اجتهادي أصيل قوامه الصرامة العلمية والجرأة في التعبير عن المواقف والتجديد في خطط النوازل والفتوى ومقاومة صارمة لكل انحراف أيا كانت السلطة التي يستند إليها أو يستمد منها حمايته.
لقد كان الرجل مقاوما بمختلف المعاني، مقاوما لكل ما يرى أنه انحراف عقدي أو سلوكي عن المحجة البيضاء التي كان يسير على هديها مطمئنا ثابتا، ليلها عنده كنهارها أبيض ناصع، كان مقاوما شرسا للتغلغل الفرنسي في البلاد يشهد له بذلك الأعداء قبل الأهل والأصدقاء.
ولأن الرجل لم يكن في قاموسه أي معنى للعزلة الجغرافية ولا المعرفية فقد تيسر له دون كبير عناء أن يقيم جسورا معرفية نِدّيةً بين وطنه وبين أبرز الحواضر الإسلامية على عهده، وأن يوطد أواصر الصلات بين مجتمعه الولاتي وبين منطقة السودان الغربي، فأسهم بجد في تعزيز عرى التواصل الثقافي بين المغرب والمشرق، وفي فتح قنوات حوار وتلاقح علمية، خاصة من خلال رحلتة الحجية الطافحة بالمناظرات والتدريس والإفتاء والتأليف وتبادل الإجازات في مختلف فنون الثقافة العربية الإسلامية ومذاهبها، أكان ذلك في المغرب، أم في تونس، أم في لجزائر أم في مصر أم في الحجاز أم في مالي...
أيها السادة والسيدات،
إن التظاهرة التي تشرفوننا اليوم بحضور انطلاقتها ما كانت لتكون لولا المباركة الفورية والتجاوب التلقائي والدعم القيم الذي لقيته من حكومتنا الموقرة. مما يعكس التقدير الكبير الذي توليه السلطات العليا وعلى رأسها فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز للعمل الثقافي الجاد، وما تبذله حكومة معالي الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف من جهد محمود لتجسيد هذا التقدير.
لقد واكبت وزارة الثقافة والشباب والرياضة بعناية كبيرة هذا الحدث ودعمته منذ أن كان فكرة، إلى أن تجسم اليوم واقعا ملموسا، فلها منا كل الشكر وكل التقدير.
كما أن جهودا أخرى قيمة كان لها الفضل الكبير في إنجاز هذا الحدث نذكرها ونشكرها جزيل الشكر:
شركة شنقيتل للاتصالات، مؤسسة أحمد سالك ولد محمد الأمينASML ، الشركة الوطنية للصناعة والمعادن، بلدية تفرغ زينه، بنك الوفاء الإسلامي، البنك المركزي الموريتاني، ميناء نواكشوط المستقل، مجموعة اعزيزي ولد المامي، جامعة نواكشوط، البنك الوطني الموريتاني، شركة توزيع الأجهزة المعلوماتية CDI، المعهد الموريتاني للبحث العلمي، صندوق الإيداع والتنمية، شركة النصر للتأمين، اتحاد الناشرين الموريتانيين، مكتبة الولاتي، مكتبة القرنين15/21. بالإضافة إلى أفراد خيرين أبوا إلا يعبروا على طريقتهم عن مؤازرة هذا الحدث.
أما قائمة المباركين فإن حجمها ببساطة يتناسب مع شدة ظمإ الساحة الثقافية لعمل جدي يقطع مع الاجترارات المجتزأة لتراثنا والترديد الببغاوي لمفرداته.
ضيوفنا الكرام من الجزائر وتونس ومالي والمغرب،
إن مشاركتكم في هذا الحدث وتضحيتكم في سبيل ذلك بمشاغلكم العامة والخاصة تدل على حبكم الكبير لهذا الرجل وإدراككم الكبير لقيمته ، وتدل فوق كل ذلك على نبل أخلاقكم وإيمانكم الراسخ بقيم الأعمة ومثلها، وإصراركم الشديد على أن تثبتوا أنكم خير خلف لخير سلف، بار الله فيكم وحفظكم...
أصحاب السعادة، السيدات والسادة
إن هذا الحدث ينقسم إلى الفقرات التالية:
• معرض لآثار الفقيه محمد يحيى الولاتي قمنا بتدشين انطلاقته للتو، يضم قسما لعرض مخطوطات له في فنون مختلفة ، وقسما مخصصا للوحات تجسد سيرته ومسيرته أبدع أحد أحفاد الولاتي، حفظه لله، في إخراجها في أجمل حلة، وقسما ثالثا يستعرض مشروع المعالجة المعلوماتية لمؤلفاته في شكل مكتبة رقمية حديثة مصممة لاستيعاب هذه المؤلفات وتسهيل استفادة الباحثين منها. وقد أشرف على هذه المكتبة الرقمية بخبرة عالية وتفان لا نظير له أحد المنتسبين للمركز، بارك الله فيه ..
• ندوة علمية تقدم فيها أكثر من عشرين محاضرة من لدن باحثين مميزين من تونس والجزائر ومالي والمغرب والإمارات العربية المتحدة تتناول مختلف جوانب شخصية الولاتي وجهوده العلمية في شتى الفنون والمجالات.
إن الفضل الأساسي في صناعة هذا الحدث يعود بعد الله إلى جهود رجال صادقين عملوا منذ ثلاثة أشهر بتفان وإخلاص ونكران للذات وتواضع جم، لا يحدوهم إلا أمل واحد هو أن يقدموا عملا جادا نظيفا... ولأنني واكبت جهودهم لحظة بلحظة فإن بإمكاني أن أقول لهم إن نيتهم الصادقة قد أثمرت... وأن ما أنجزوه يعتبر بحق عملا إبداعيا رائعا إن على مستوى المضمون أو على مستوى الشكل...
وأعتقد أنكم ستنضمون إلي جميعا حينما تشاهدون فقرات المعرض خاصة منها المكتبة المرقمنة واللوحات الفنية التي تستعرض مسيرة المحتفى به.. أما المحاضرات فإن أسماء مقدميها تقول عنها في الحقيقة كل شيء...
وفي الختام أتمثل ما قاله والدي الفقيه رحمه الله في مقام مثل مقامي هذا:
وما انتسابي له فخرا ولـــــا
تعاظما بفضله أو اعتــلا
لكنه تحدث بالنعـــــــمـه
أن كنت نجل قـانت وأمـه
إذ واضح أن نسيب الديـــــن
هو القريب لا نسيب الطيـن
فأي فصل في الصــلاح قد تبـع
لأصله الصالح فاز وانتـفع
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.