من نشاطات المركز: مئوية الولاتي


اليوم الثاني : الجلسة الأولى

 بدأت الجلسة الأولى يوم الجمعة 21 ديسمبر 2012 في حدود الساعة التاسعة صباحا واستمرت إلى غاية الواحدة بعد الزوال، وترأسها السيد أحمدو ولد سيدي الذي افتتح الجلسة بتقديم  نبذة مختصرة عن الفقيه وعن تميزه بعدد ونوعية المؤلفات التي تناهز 130 مؤلفا. وتتالت بعد ذلك المحاضرات على النحو التالي:

المحاضرة الأولى : " التجديد المنهجي في حقلي التربية والتأليف عند محمد يحيى الولاتي " ـ الأستاذ بوميه ولد ابياه

بعد أن تحدث المحاضر بإيجاز عن النهضة الفكرية التي عرفتها ولاته في منتصف القرن 13، انتقل إلى التعريف بمحمد يحيى الولاتي مركزا على مظاهر التجديد المعرفي والمنهجي لديه. فأشار إلى تميز منهجه في التأليف والإفتاء والمناظرة والتدريس، وإلى أنه رحمه الله قد 

أحيا فنونا كانت ميتة مثل أصول الفقه، وسهل فنونا كانت مستعصية مثل قواعد الفقه، وأعطى البدائل الفقهية النافعة المؤصلة، وألف في فنون كانت مهجورة مثل الناسخ والمنسوخ، وشرح متونا مهمة قليلة الشروح أو لم تشرح ، كل ذلك بأسلوب واضح مبسط مرتب يجعلها في متناول طلاب العلم والعلماء معا، كما ألف في مجال الإصلاح الاجتماعي والسياسي. والحقيقة يقول الأستاذ بوميه إنه استنفد كل أسباب التأليف ودواعيه كما عددها أبو عبد الله محمد بن علاء الدين، شمس الدين البابلي القاهري المتوفي 1077هـ / 1667م، كما نقل عنه محمد أمين بن فضل الله محب الدين ،المتوفي  1111هـ .  وقدم المحاضر نماذج عديدة من ثمار هذا المنهج القويم الذي تبناه الرجل وجسد متطلباته بجدارة عالية في ما كتبه في شتى مجالات العلم والمعرفة.  فكان بذلك شخصية فذة جديرة  بما نالته من إعجاب متواصل إلى اليوم.

 

المحاضرة الثانية : فتوى محمد يحيى الولاتي في المداراة: دراسة وتحليل ـ محمد ولد بوعليبه ولد لغراب

اعتمد الباحث على تحقيق  أنجزه  لكتاب المداراة الذي ألفه الفقيه محمد يحيى الولاتي والمعنون ب:  رسالة النصح لعرفاء الزوايا عن الحيف في فرض المداراة على أموال الضعفاء الرعايا، يناقش فيه مفهوم المداراة وما يتعلق به من مفاهيم لها صلة بالمعجم اللغوي الفقهي الذي تنتمي إليه هذا المفهوم منذ أن عرفته هذه البلاد ومدي مطابقته لأحوال البلاد. وكيف تمت معالجته من طرف الفقهاء والخلفية الفقهية التي يستندون إليها في صياغة فتاويهم المتعلقة بموضوعه، وتأثر بعضهم بالبعض وتأثُّرهم بمن سبقهم وتأثرهم بمحيطهم وخلافاتهم حول الحوادث التي تسببت في استحضاره أو استحضار غيره من المفاهيم، وتأثير التحولات الاجتماعية والسياسية في تطور هذا المعجم اللغوي الذي ينتمي إليه هذا المفهوم. كما يناقش مفهوم العاقلة المتعلق بمفهوم المداراة ذي الصلة الوثيقة بتلك التحولات. وفي البحث تأملات متعلقة بمفاهيم العرف والعادة وغيرها من المفاهيم المرتبطة بالموضوع. كما تناول الباحث جدة طرح المؤلف صاحب الكتاب المخطوط وموضوعيته وصرامته العلمية. 

 

المحاضرة الثالثة : الفقهاء الشناقطة ومسألة العقوبة بالمال من خلال فتاوى محمد يحيى الولاتي ـ محمد المختار ولد السعد

استعرض الباحث الدلالة الاصطلاحية للعقوبة بالمال معرجا  على تباين مواقف المذاهب المختلفة منها بين قائل بنسخ ما ورد فيها من نصوص شرعية  وبين قائل بجوازها عند تعذر الحدود، ليصل إلى  مواقف الشناقطة منها ابتداء من محمد بن أبي بكر بن الهاشم الغلاوي الذي لا يرفضها رفضاً مبدئياً باتاً، ومرورا بالشريف حمى الله التيشتي الذي يرى أنها  تكون أولى إذا عدم الإمام، وعدم التمكن من إقامة الحدود وإجراء الأحكام على أهلها، وبموقف سيدي عبد الله ولد الحاج ابراهيم الذي يرى أنها تجوز بشروط، وبالشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكنتي القائل بجوازها واختلافها باختلاف الذنوب، وبمحنض بابه الذي يفضل عليها العقوبة البدنية، وإن تعذرت هذه فالمال يؤخذ من الظالم وحده بلا إعانة قريب ولا بعيد.

ليخلص الباحث  إلى رأي محمد يحيى في المسألة، القائل بأن التعزير بالمال على المعصية التي لا حدَّ فيها مقدر في الشرع في غير ما موضع، معارضا نسخ هذه العقوبة ومخالفاً ما ذهب إليه ابن رشد الجد ، لأن "مشهور مذهب مالك أن العقوبة المالية محكمة، أي غير منسوخة، إذ لا يجوز إهمال الفجار والظلمة وتركهم بلا تعزير حيث تعذرت إقامة الحدود كما في البلاد السائبة".

واعتمد الفقيه في تأصيله لجوازها "حديث التنفيل" وحرم المدينة، و"عمل الصحابة"، مضيفا إلى ذلك تأصيلا سياسيا هو سيبة البلاد وغياب السلطان الزاجر، والطابع البدوي بها وعدم توفرها على مؤسسات عقابية، وجريان العمل بهذه العقوبة في الجوار المغاربي، والمصلحة العامة للناس.

 

  المحاضرة الرابعة : التجديد الفقهي عند محمد يحيى الولاتي ـ أحمد ولد أهل داود

حدد المحاضر مفهوم التجديد. ثم قدم تعريفا علميا لمحمد يحي الولاتي ووصفه بالتجديد والاعتدال والتمكن والشجاعة. ليصل في آخر المحاضرة إلى أن منهج التجديد عند الولاتي كان منهجا وسطا يقوم على تطبيق الأصول على الفروع.

المحاضرة الخامسة : ولاته : ملتقى الثقافات بين المغرب الإسلامي والسودان في الفترة ما بين 1204 – 1912 للميلاد – محمد الاغظف ولد الداه ومحمد البشير ولد حمادي

استعرض المحاضران واقع ولاته في الفترة المنوه بها؛ حيث كانت نقطة إجبارية للعبور من الغرب الإسلامي للسودان الغربي، واستمرارا للموانئ الصحراوية الأقدم منها كأوداغست وكمبي صالح، في الوقت الذي كانت فيه محطة مهمة لتصدير الملح إلى السودان، الأمر الذي ربطها بالمدن الأخرى التي تلعب تجارة الملح الدور الرئيسي في أنشطتها الاقتصادية كوادان و شنقيط  وتشيت. فكانت مدينة قوافل بامتياز، فازدهرت أسواقها وتدفقت الهجرات نحوها...

 وقد امتازت بالإشعاع حضاريا وثقافيا على محيطها القريب والبعيد، وبذلك ظلت مركز إشعاع علمي متميز بنظامه التعليمي الذي عز نظيره في البلاد، وأنبتت بإذن ربها ثمرا طيبا ،علماء نجباء تميزوا بعطائهم العلمي...

  وخلص الباحثان إلى أن الفقيه  محمد يحيى الولاتي  ليس في الحقيقة  إلا شجرة طيبة من نبت هذه الأرض المعطاء، أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وإن تميز ثمرها بوفرته وحلاوة مذاقه ودنو قطافه، فلا غرابة في ذلك لمن يتلوا قول الله تعالى (وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل).

وقد شرف العلامة محمد الحسن ولد الددو الندوة بحضور الجزء الأخير من هذه الجلسة وتناوله الكلام فيها معتذرا عن عدم التمكن من حضورها من البداية إلى النهاية بسبب مانع السفر أولا ثم ارتباطات أخرى شغلته بعد ذلك. ونوه بمبادرة الاحتفاء بالفقيه محمد يحيى الولاتي الذي اعتبره من كبار المجددين في هذه البلاد. وأشاد بالآثار الطيبة التي خلفها في فنون وميادين الشريعة كافة، والتي لم يسبق إلى الكثير منها.      يتواصل

 

 

اليوم الأول مساء يوم الخميس 20 ديسمبر 2012 من الساعة الثالثة والنصف إلى الساعة السادسة: حفل الافتتاح:

أشرف على حفل الافتتاح السيد الخليل ولد المهدي الأمين لعام لوزارة الثقافة والشباب والرياضية راعية الاحتفالية وبحضور الأمينين العامين لوزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي ولوزارة التعليم الأساسي وسفراء كل من الجزائر والعراق واليمن وسوريا وفلسطين ومصر وإيران وممثلين عن سفارتي المغرب والإمارات.

بدأ الحفل بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها الأستاذ محمد بن الفقيه، أشفعت بتبادل للخطب بين الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة السيد الخليل ولد المهدي ولد الجيد ورئيس المركز الأستاذ حسني الفقيه وكلمات لضيوف الندوة، ثم افتتاح للمعرض المنظم بهذه المناسبة.

استهل السيد حسني الفقيه كلمته بالتعريف بأهداف مركز البحوث والدراسات الولاتية المتمثلة في المساهمة بكل الوسائل العلمية والمادية المتاحة في جمع وتوثيق وإخراج وإحياء التراث الحضاري الولاتي بمختلف جوانبه، مؤكدا أن هذه الاحتفالية المنظمة للاحتفاء بذكرى مرور مائة سنة على وفاة الفقيه محمد يحيى الولاتي تعتبر باكورة عمل المركز لتجسيد هذه الأهداف.

ثم اتجه إلى إبراز قيمة هذا العلم الوطني الكبير رحمه الله قائلا إن مسيرته الحافلة بالإنتاج الفكري الموسوعي تميزت باستيعابه الــكبير للموروث الثقافي  لزمانه  وقدرته الفائقة على  توظيفه  في تجديد  خطط النوازل والفتوى ومقاومة كل انحراف  في العقيدة والفقه والسلوك وفي تدبير الأمور العامة، فضلا عن معارضته الشديدة للتغلغل الاستعماري في البلاد...

وأشاد  بجهود الفقيه محمدي يحيى في مد جسور تواصل نِدّيةً بين وطنه وبين أبرز الحواضر الإسلامية على عهده في منطقة السودان الغربي والمغرب  والمشرق العربيين، وفي فتح  قنوات حوار وتلاقح علمية من خلال رحلته الحجية الطافحة بالمناظرات والتدريس والإفتاء والتأليف وتبادل الإجازات في مختلف فنون الثقافة العربية الإسلامية ومذاهبها...

وعبر رئيس المركز في نهاية كلمته عن بالغ الشكر والامتنان لحكومتنا الموقرة على ما لقيه المركز منها من  تجاوب تلقائي ودعم قيم  لتنظيم هذه التظاهرة المباركة، موضحا أن ذلك إنما يعكس التقدير الكبير الذي توليه السلطات العليا وعلى رأسها فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز للعمل الثقافي الجاد، وما تبذله حكومة معالي الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف من جهد محمود لتجسيد هذا التقدير. وفي هذا السياق نوه بمواكبة وزارة الثقافة والشباب والرياضة لهذا الحدث والإسهام المعتبر في تجسيده.

وأشاد في الأخير بكل من ساهم من قريب أو بعيد، مؤسسات عمومية وخصوصية أفرادا ومؤطرين ومنظمين في إنجاح هذا العمل الثقافي الجاد ( القائمة مرفقة بهذا التقرير).

وفي كلمته الافتتاحية أكد الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة  السيد الخليل ولد المهدي ولد الجيد أن العلامة محمد يحيى الولاتي قد امتاز بغزارة الإنتاج العلمي والفكري والقدرة على توصيل المعارف بلغة سلسة، وظل طيلة حياته سفيرا للعلم متجولا في شمال إفريقيا وبلاد الحرمين، حيث عاش معلما لكل من لقيه من طلاب، ومنارة إشعاع استضاء بنورها العلماء في تونس ومصر والحجاز أثناء زيارته لبلدانهم .وشكر القائمين على المركز على هذه المبادرة القيمة مؤكدا الاهتمام الكبير الذي توليه السلطات العليا في البلد للعلم والعلماء وللتواصل الثقافي بين البلدان العربية والإسلامية،  واستعداد قطاع الثقافة الدائم لدعم مثل هذه الاحتفاليات ورعايتها من اجل تنشيط الذاكرة الثقافية للبلد.

أما كلمات الضيوف من الدول الشقيقة فقد بدأت بتدخل السيد عبد الرحمن دوكوري من جمهورية مالي الشقيقة الذي شكر مركز البحوث والدراسات الولاتية على الدعوة التي وجهها إليه ولأخيه باي دوكورى للمشاركة في هذا الحدث الثقافي الهام، وضمن كلمته قصيدة عصماء أشاد فيها بخصال المحتفى به وبالعلاقات العلمية والروحية التي تربط أسرة  أهل دوكوري به وبأفراد أسرته عموما.

ثم تناول الكلام السيد  منور خميله من جمهورية تونس الشقيقة ليشكر بدوره المركز الذي أتاح له الإسهام في هذه التظاهرة والعودة لبلده الثاني موريتانيا التي درس فيها سبعينيات القرن الماضي واكتشف ثراءها العلمي والثقافي واطلع فيها بوجه خاص على تراث محمد يحيى الولاتي الذي حقق جزءا من رحلته الحجازية ضمن أطروحة دكتوراه أعدها في جامعة الصوربون.

أما السيد محمد إيدير مشنان من الجزائر الشقيقة  فقد ثمن في كلمته  المبادرة التي قام بها مركز البحوث والدراسات الولاتية للاحتفاء بهذا العلم الكبير الذي يعد من أبرز أعلام الأثر والرأي، ومن أساطنة الفقه المالكي. وشدد على أن الاحتفاء بالعلماء والمصلحين من أمثال محمد يحيى ونظرائه في المغرب العربي سنة حميدة تتيح لنا الاطلاع على الآثار الطيبة لهم وعلى ما قاموا به من جهد في التجديد والإصلاح، وتعيننا في استلهام سيرهم المباركة وفي تحقيق ما نحن اليوم في أمس الحاجة إليه من أمن وتحصين فقهيين..

وعقب ذلك قام الرسميون بتدشين المعرض الذي أقيم بهذه المناسبة والذي ضم الفقرات التالية:

ـ معرضا لمخطوطات الفقيه محمد يحيى في فنون مختلفة

ـ معرضا لملصقات (بوستيرات)  تحكي أحداث محطات الرحلة الحجازية

ـ عرض فيديو للمكتبة الرقمية التي أعدها المركز لبعض مؤلفات محمد يحيى الولاتي المخطوطة.

                                                                         يتواصل....

 

 

 

 

شهد فندق وصال بالعاصمة نواكشوط، اليوم 20 دجنبر 2012، انطلاق الاحتفالية التي ينظمها المركز، حيث تضمن جدول اليوم الافتتاحية الرسمية بالإضافة لإنظلاق المعرض المصاحب لها.
حضر الافتتاح العديد من الشخصيات العلمية وسفراء الدول الشقيقة والصديقة و الأمناء العامون لبعض الوزارات. وقد افتتحت بتلاوة عطرة من القرآن الكريم تلتها كلمة رئيس المركز وكلمة للأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة ومداخلات ضيوف الشرف.

وقد شهد هذا الاحتفال الإعلان عن اطلاق المركزلمكتبة رقمية لمؤلفات الفقيه محمد يحيى الولاتي. كما تم على هامشها عرض مخطوطات نادرة من تآليف الرجل.

 

نص خظاب الافتتاح

بسم الله الرحمن الرحيم 

وصلى الله على أشرف خلقه وعلى آله وصحبه وسلم

 

السيد الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة،

السيد الأمين لوزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي،

السيدة الأمينة العامة للوزارة المنتدبة المكلفة بالتعليم الأساسي

أصحاب السعادة السفراء،

ضيوفنا الكرام، 

السادة والسيدات المدعوين مع حفظ الأسماء والألقاب،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

يسعد مركز البحوث والدراسات الولاتية الذي أتشرف برئاسته أن يستقبلكم اليوم لتشهدوا معه  انطلاق أعمال  هذه التظاهرة المباركة التي ينظمها  احتفاء بمرور مائة عام على وفاة علم بارز من أعلام هذه الأرض المعطاء الخيرة هو الفقيه  محمد يحيى الولاتي. 

لقد أسست هذا المركز مجموعة من الباحثين الجادين يسعون من خلاله إلى  المساهمة بكل الوسائل المادية والعلمية المتاحة و بالتنسيق مع جميع الهيئات العمومية والخصوصية الوطنية والدولية ذات الأهداف والاهتمامات المماثلة في جمع وتوثيق وإخراج وإحياء التراث الحضاري الولاتي بمختلف جوانبه. وهي لعمري أهداف نبيلة سامية تستحق التضحية والمؤازرة.

وتشاء الصدف أن تتزامن انطلاقة أعمال المركز مع ذكرى مرور مائة سنة على وفاة الفقيه الولاتي محمد يحيى بن محمد المختار بن الطالب عبد الله النفاع الذي يعد بحق نموذجا ناصعا لتميز  وأصالة علماء  هذه البلاد الذين تحدوا بجدارة معوقات النهضة من قسوة  في الطبيعة وشح في الوسائل  ونأي عن المراكز الكبرى  للثقافة وغياب  أية سلطة مركزية، ففرضوا لأنفسهم ولبلادهم حضورا متميزا  في  الثقافة العربية الإسلامية  مافتئ إلى اليوم يبهر الباحثين  ويثير إعجابهم. 

لقد عكست مسيرة الفقيه محمد يحيى العلمية الحافلة بالإنتاج الفكري الموسوعي درجة عالية من استيعاب الموروث الثقافي  لزمانه  وقدرة  فائقة على توظيف الأدوات المعرفية المكتسبة منه، ووسعت دائرة التجديد والإصلاح لديه مختلف مجالات النشاط العملي في عصره من أدب ولغة وعقيدة وفقه وتصوف... 

ومن هذا المنطلق عمد الرجل إلى تشريح الممارسات التي درج عليها قومه ومن حولهم في القضاء والسياسة والسلوك يزنها بميزان الشرع الحنيف وفق منهج اجتهادي أصيل قوامه الصرامة العلمية والجرأة في التعبير عن المواقف والتجديد في خطط النوازل والفتوى ومقاومة صارمة لكل انحراف أيا كانت السلطة التي يستند إليها أو يستمد منها حمايته.

 لقد كان الرجل مقاوما بمختلف المعاني، مقاوما لكل ما يرى أنه انحراف عقدي أو سلوكي عن المحجة البيضاء التي كان يسير على هديها مطمئنا ثابتا، ليلها عنده كنهارها أبيض ناصع، كان مقاوما شرسا للتغلغل الفرنسي في البلاد يشهد له بذلك الأعداء قبل الأهل والأصدقاء.

ولأن الرجل لم يكن في قاموسه أي معنى للعزلة الجغرافية ولا المعرفية فقد تيسر له دون كبير عناء أن يقيم جسورا معرفية نِدّيةً بين وطنه وبين أبرز الحواضر الإسلامية على عهده، وأن يوطد  أواصر الصلات بين مجتمعه الولاتي وبين منطقة السودان الغربي، فأسهم بجد في تعزيز عرى التواصل الثقافي بين المغرب والمشرق، وفي فتح  قنوات حوار وتلاقح  علمية، خاصة من خلال رحلتة الحجية الطافحة بالمناظرات والتدريس والإفتاء والتأليف وتبادل الإجازات في مختلف فنون الثقافة العربية الإسلامية ومذاهبها، أكان ذلك في المغرب، أم في تونس، أم  في لجزائر أم في مصر أم في الحجاز أم في مالي...

 

أيها السادة والسيدات،

إن التظاهرة التي تشرفوننا اليوم بحضور انطلاقتها ما كانت لتكون لولا المباركة الفورية والتجاوب التلقائي والدعم القيم الذي لقيته من حكومتنا الموقرة. مما يعكس التقدير الكبير الذي توليه السلطات العليا وعلى رأسها فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز للعمل الثقافي الجاد، وما تبذله حكومة معالي الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف من جهد محمود لتجسيد هذا التقدير.

لقد واكبت وزارة الثقافة والشباب والرياضة بعناية كبيرة هذا الحدث ودعمته منذ أن كان فكرة، إلى أن تجسم  اليوم واقعا ملموسا، فلها منا كل الشكر وكل التقدير.

كما أن جهودا أخرى قيمة كان لها الفضل الكبير في إنجاز هذا الحدث  نذكرها ونشكرها جزيل الشكر:

شركة شنقيتل للاتصالات، مؤسسة أحمد سالك ولد محمد الأمينASML ، الشركة الوطنية للصناعة والمعادن، بلدية تفرغ زينه، بنك الوفاء الإسلامي، البنك المركزي الموريتاني، ميناء نواكشوط المستقل، مجموعة اعزيزي ولد المامي، جامعة نواكشوط، البنك الوطني الموريتاني، شركة توزيع الأجهزة المعلوماتية CDI، المعهد الموريتاني للبحث العلمي، صندوق الإيداع والتنمية، شركة النصر للتأمين، اتحاد الناشرين الموريتانيين، مكتبة الولاتي، مكتبة القرنين15/21. بالإضافة إلى أفراد خيرين أبوا إلا يعبروا على طريقتهم عن مؤازرة هذا الحدث.

أما قائمة المباركين فإن حجمها ببساطة يتناسب مع شدة ظمإ الساحة الثقافية لعمل جدي يقطع مع الاجترارات المجتزأة لتراثنا والترديد الببغاوي لمفرداته.

 

 ضيوفنا الكرام من الجزائر وتونس ومالي والمغرب، 

إن مشاركتكم في هذا الحدث وتضحيتكم في سبيل ذلك بمشاغلكم  العامة والخاصة تدل على حبكم الكبير لهذا الرجل وإدراككم الكبير لقيمته ، وتدل فوق كل ذلك على نبل أخلاقكم وإيمانكم الراسخ بقيم الأعمة ومثلها، وإصراركم الشديد على أن تثبتوا أنكم خير خلف لخير سلف، بار الله فيكم وحفظكم... 

أصحاب السعادة، السيدات والسادة

إن هذا الحدث ينقسم إلى الفقرات التالية:

معرض لآثار الفقيه محمد يحيى الولاتي قمنا بتدشين انطلاقته للتو، يضم قسما لعرض مخطوطات له في فنون مختلفة ، وقسما مخصصا للوحات تجسد سيرته ومسيرته أبدع أحد أحفاد الولاتي، حفظه لله، في إخراجها في أجمل حلة، وقسما ثالثا يستعرض مشروع المعالجة المعلوماتية لمؤلفاته في شكل مكتبة رقمية حديثة مصممة لاستيعاب هذه المؤلفات وتسهيل استفادة الباحثين منها. وقد أشرف على هذه المكتبة الرقمية  بخبرة عالية وتفان لا نظير له أحد المنتسبين للمركز، بارك الله فيه ..

ندوة علمية تقدم فيها أكثر من عشرين محاضرة من لدن باحثين مميزين من تونس والجزائر ومالي والمغرب والإمارات العربية المتحدة تتناول مختلف جوانب شخصية الولاتي وجهوده العلمية في شتى الفنون والمجالات. 

إن الفضل الأساسي في صناعة هذا الحدث  يعود بعد الله إلى جهود رجال صادقين عملوا منذ ثلاثة أشهر بتفان وإخلاص ونكران للذات وتواضع جم، لا يحدوهم إلا أمل واحد هو أن يقدموا عملا  جادا نظيفا... ولأنني واكبت جهودهم لحظة بلحظة فإن بإمكاني أن أقول لهم إن نيتهم الصادقة قد أثمرت... وأن ما أنجزوه يعتبر بحق عملا إبداعيا رائعا إن على مستوى المضمون أو على مستوى الشكل...

وأعتقد أنكم ستنضمون إلي جميعا حينما تشاهدون فقرات المعرض خاصة منها المكتبة المرقمنة واللوحات الفنية التي تستعرض مسيرة المحتفى به.. أما المحاضرات فإن أسماء مقدميها تقول عنها في الحقيقة كل شيء...

وفي الختام أتمثل ما قاله والدي الفقيه رحمه الله في مقام مثل مقامي هذا:

 

وما انتسابي له فخرا ولـــــا

تعاظما بفضله أو اعتــلا

 

لكنه تحدث بالنعـــــــمـه

أن كنت نجل قـانت وأمـه

 

إذ واضح أن نسيب الديـــــن

هو القريب لا نسيب الطيـن

 

فأي فصل في الصــلاح قد تبـع

لأصله الصالح فاز وانتـفع

 

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

محمد يحي الولاتي: التجديد الفكري والتواصل الثقافي

ملتقى القرنين الثالث عشر والرابع عشر

                I.     تقديم:

يعد  العلامة محمد يحيى بن محمد المختار الولاتي نموذجا ناصعا لتميز  وأصالة علماء  هذه الربوع الذين تحدوا بجدارة معوقات النهضة من قسوة  في الطبيعة وشح في الوسائل  ونأي عن المراكز الكبرى  للثقافة وغياب  تام لأية سلطة مركزية، ففرضوا لأنفسهم ولبلادهم حضورا متميزا  في  الثقافة العربية الإسلامية  مافتئ إلى اليوم يبهر الباحثين  ويثير إعجابهم.

لقد عكست مسيرة الفقيه محمد يحيى العلمية الحافلة بالإنتاج الفكري  الموسوعي درجة عالية من استيعاب الموروث الثقافي  لزمانه  وقدرة  فائقة على توظيف الأدوات المعرفية المكتسبة منه في نقد واقع مجتمعه ورسم معالم  إصلاحه على أسس من  الدين القويم الخالص من كل الشوائب  والبدع.

ووسعت دائرة التجديد والإصلاح لديه مختلف مجالات النشاط الفكري والعملي في عصره من أدب ولغة وعقيدة وفقه وتصوف... ووقفت عند كل الممارسات التي درج عليها قومه في القضاء والسياسة والسلوك  تزنها بميزان الشرع الحنيف وفق منهج اجتهادي أصيل قوامه تجديد في خطط النوازل والفتوى ومقاومة صارمة لكل انحراف أيا كانت السلطة التي يستند إليها أو يستمد منها حمايته.

وتجاوز تأثير الفقيه وطنه الضيق حين تمكن من أن يقيم في فترة وجيزة  جسورا معرفية نِدّيةً بين وطنه وبين أبرز الحواضر الإسلامية على عهده، ويمد أواصر الصلات بين مجتمعه الولاتي وبين منطقة السودان الغربي، ويعزز  التواصل الثقافي بين المغرب والمشرق، ويفتح  قنوات حوار وتلاقح  علمية، خاصة من خلال رحلتة الحجية الطافحة بالمناظرات والتدريس والإفتاء والتأليف وتبادل الإجازات في مختلف فنون الثقافة العربية الإسلامية ومذاهبها أكان ذلك في الرباط، أم بتونس، أم بالقاهرة، أم الحجاز ...

وتأتي هذه الاحتفالية المباركة من خلال فقراتها المختلفة لتقص من أنباء هذا العلم المشارك ولتنفض الغبار عن بعض تراثه.

 

                            II.           فقرات الاحتفالية:

 

           لقد قرر مركز الدراسات والبحوث الولاتية أن يتم تنظيم  هذه الاحتفالية حسب الفقرات الثلاث المتكاملة الآتية، والتي  تحاول أن تلامس عن قرب تراث الفقيه محمد يحيى الولاتي:

1-     ندوة علمية دولية:

 

 تقدم فيها دراسات متميزة لباحثين مرموقين من موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، ومالي، والسنغال، تسلط الضوء على نقاط هامة من سيرة الرجل ومسيرته، ومظاهر التجديد الفكري لديه، وإسهاماته العديدة والمتنوعة في ربط وتوطيد جسور التواصل العلمي والثقافي محليا وإقليميا ودوليا.

·   وستجري هذه الندوة بحول الله وفق المحاور الكبرى الآتية:

§       المحور الأول: السياق العام: ولا تة ملتقى القرنين الثالث عشر والرابع عشر

§  المحور الثاني: الولاتي: السيرة والمسيرة

§  المحور الثالث:  الولاتي التأصيل والتجديد

§  المحور الرابع: الفتوى والقضاء والتأليف

§  المحور الخامس: الرؤية الإصلاحية والدور السياسي

§  المحور السادس:  التواصل والحوار

§  المحور السابع: ملامح الإبداع الأدبي

·       تدوم الندوة ثلاثة أيام، وتجري أعمالها في نواكشوط

·       المدعوون من الخارج 10: باحثان (2) من تونس: باحثان ( 2) من الجزائر، باحثان (2) من المغرب،  باحثان (2) من مالي، باحث واحد (1) من الإمارات ، باحث واحد (1) من السنغال.

·       الباحثون المحليون: عشرون ( 20)

·       من المنتظر أن تتمخض عن الندوة توصيات تتعلق خصوصا بالعناية بتتبع آثار محمد يحيى لجمعها وفهرستها وتحقيقها ودراستها وطباعتها ونشرها.

·       سيتم بإذن الله نشر أعمال الندوة

 

2-    معرض لآثار ومؤلفات محمد يحيى الولاتي:

 

يهدف إلى عرض ما أمكن الحصول عليه من إنتاج الرجل ومن الرسائل والوثائق المتبادلة بينه وبين معاصريه على اختلاف مواقعهم ومراتبهم الثقافية والاجتماعية...

 

3-    حفل ختامي:

 

يتم خلاله تكريم الضيوف والمشاركين في تحضير الاحتفالية وتسيير أعمالها، وإتاحة الفرصة لإلقاءات أدبية من وحي المناسبة.

 

لدعم مئوية الولاتي

Centenaire de l’érudit Yahya El Walaty

Attijari Bank: 9000 000 9412 86 MRO 07

IBANCOMPTE: MRO:MR1300013061989000000 9412 86