من نشاطات المركز: مئوية الولاتي

بمناسبة شهر رمضان المبارك

ننشر بإذن الله على فقرات متسلسلة باب الصوم وشرحه

 من كتاب"العروة الوثقى على منبع الحق والتقى" للفقيه محمد يحيى الولاتي،

         ويتميز هذا النص بحرص المؤلف فيه- رحمه الله- على تأصيل الأحكام التي يوردها.

-النص:

يجب صوم رمضان بالرؤية أو بإكمال شعبان ثلاثين. وتثبت بعدلين أو عدل ورؤيته نهارا للقابلة، وصحته بنية من الليل، وقيل يصح مطلقا لمن لم يفطر بنية من النهار أو النفل فقط وبإمساك عن شهوتي البطن والفرج، وبنقاء من الحيض، فلا تصوم الحائض وعليها قضاؤه. والسنة تعجيل الإفطار قبل الصلاة أو بعدها، وكونه على رطبات، فتمرات، فحسوات من ماء، وتأخير السحور لقرب الفجر وهو سنة وبركة.

الشرح:                             

(هذا باب في بيان أحكام الصوم( وهو لغة مطلق الإمساك وشرعا الإمساك عن شهوتي البطن والفرج (يجب صوم) شهر (رمضان) بالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ  تَتَّقُون}[البقرة:183] وقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }[البقرة:185]وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان» أخرجه البخاري ومسلم، وقدّم مسلم صوم رمضان على الحج.وحديث طلحة بن عبيد الله قال: (جاء رجل من أهل نجد إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: وصيام رمضان فقال: هل علي غيره؟ قال: لا إلا أن تطوع قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة قال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق» أخرجه البخاري.

وأما الإجماع فقد انعقد بين العلماء على وجوب صوم رمضان.

(ويثبت بـ) سبب (الرؤية) أي رؤية الهلال (أو بإكمال) عدة (شعبان ثلاثين) يوما لحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له» أخرجه مالك في الموطأ والبخاري ومسلم، ففسر الأئمة الثلاثة والجمهور قوله  صلى الله عليه وسلم «فاقدروا له» بإتمام عدة شعبان ثلاثين يوما، وقالت طائفة معناه ضيفوا له وقدروه تحت السحاب، وبه قال أحمد وغيره ممن يجوز صيام صبيحة الغيم عن رمضان، وقال ابن سريج: قدروه بحسب المنازل، وكذا قاله ابن قتيبة من المحدثين ومطرف بن عبد الله من التابعين. قال ابن عبد البر: لا يصح عن مطرف وأما ابن قتيبة فليس ممن يعرج عليه في مثل هذا، وقال ابن المنذر: صوم يوم ثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة. وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته هكذا أطلق ولم يفصل بين خاسف وغيره فمن فرق بينهما كان محجوجا بالإجماع قبله. وفي الموطأ عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدد ثلاثين».وفي البخاري عن أبي هريرة أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين».وفيه أيضا عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين».ورواه ابن خزيمة عن ابن عمر أيضا. فقوله صلى الله عليه وسلم: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» تفسير لقوله: «فاقدروا له» والله أعلم.

(وتثبت) الرؤية (بعدلين) لحديث أبي داود والنسائي أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «إن شهد عدلان فصوموا وأفطروا». فمفهومه أن رؤية رمضان لا تثبت بعدل، وبه قال مالك. ولحديث أبي وائل قال: (أتانا كتاب عمر بن الخطاب أن الأهلة بعضها أكبر من بعض فلا تفطروا حتى يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس).(أو عدل) واحد لحديث ابن عباس قال: (جاء أعرابي إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال قال: أتشهد أن لا إله إلا الله أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم قال  صلى الله عليه وسلم: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا) رواه أصحاب السنن. ولحديث ابن عمر قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله  صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه) رواه أبو داود وابن حبان وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أشهر قوليه وأصحهما عند أصحابه.

(ورؤيته) أي الهلال (نهارا) سواء كان قبل الزوال أو بعده (لـ)لليلة (القابلة) لا الماضية، لما في الموطأ عن مالك أنه بلغه (أن الهلال رئي في زمان عثمان بن عفان بعشي فلم يفطر عثمان حتى أمسى وغابت الشمس).ولحديث أبي وائل قال: (أتانا كتاب عمر بن الخطاب أن الأهلة بعضها أكبر من بعض فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس). وهذا هو مذهب الجمهور، وفصّل الثوري وأبو يوسف وابن حبيب وابن وهب فقالوا: إن ريئ قبل الزوال فهو للماضية وإن ريئ بعده فهو للقابلة لما رواه النخعي عن عمر أنه قال: (إذا رأيتم الهلال قبل الزوال فأفطروا وإذا رأيتموه بعده فلا تفطروا). قال ابن عبد البر: والأول أصح لأنه متصل والثاني منقطع لأن النخعي لم يدرك عمر. قال الباجي: وراويه عن النخعي مجهول.

(وصحته) أي الصوم منوطة (بنية) مبيتة (من الليل) لما في الموطأ عن ابن عمر أنه قال: (لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر أي نواه من الليل). ولحديث حفصة أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له». رواه أبو داود والنسائي. قال ابن عبد البر: وهو أحسن ما روي في هذا الباب وقد رواه النسائي من طريقين أخريين موقوفا وقال إنه الصواب، ورواه مالك في الموطأ عن عائشة وحفصة موقوفا. قال ابن عبد البر: لكن عمل بظاهر إسناده جماعة فصححوا رفع الحديث المذكور منهم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وبن حزم وظاهره العموم في الفرض و النفل.وهذا هو مذهب مالك والليث وبن أبي ذئب.

(وقيل يصح) الصوم (مطلقا) أي رمضان وغيره (بنية) محدثة (من النهار) أي في النهار (لمن لم يفطر) لما أخرجه البخاري عن سلمة بن الأكوع (أن النبي  صلى الله عليه وسلم بعث رجلا ينادي في الناس يوم عاشوراء أن من أكل فليتم صومه أو فليصم ومن لم يأكل فلا يأكل).قال في الفتح: واستدل بحديث سلمة هذا على صحة من لم ينوه من الليل سواء كان رمضان أو غيره لأنه  صلى الله عليه وسلم أمر بالصوم أثناء النهار فدل على أن النية لا تشترط.قال في الإرشاد واستدل به أبو حنيفة على أن صوم الفرض يجوز بنية من النهار لأن صوم عاشوراء كان فرضا ورُدّ بأنه إمساك لا صوم وبأن عاشوراء لم يكن فرضا عند الجمهور.قال في الفتح وعلى أنه كان فرضا فقد نسخ بلا ريب فتنسخ معه أحكامه وشرائطه بدليل قوله «ومن أكل فليتم»، ومن لا يشترط النية من الليل لا يجيز صيام من أكل من النهار. وصرح ابن حبيب من المالكية بأن ترك التبييت من خصائص عاشوراء، وعلى تقرير أن حكمه باق فالأمر بالإمساك لا يستلزم الإجزاء فيحتمل أن يكون الأمر بالإمساك بحرمة الوقت كما يؤمر به من قدم من سفر في نهار رمضان وكما يؤمر به من أثبت له رمضان في يوم الشك وكل ذلك لا ينافي أمرهم بالقضاء بل قد ورد ذلك صريحا في حديث أخرجه أبو داود والنسائي من طريق قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة (أن أسلم أتوا النبي  صلى الله عليه وسلم فقال لهم: صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه).وقال في الإرشاد: وردّ تمسك الحنفية بحديث سلمة بن الأكوع بأنه ليس فيه أنهم لا قضاء عليهم بل في أبي داود أنهم أتموا بقية اليوم وقضوه ا[.

(أو) يصح (النفل فقط) أي هو الذي يصح بنية محدثة من النهار لما في البخاري عن أم الدرداء قالت: (كان أبو الدرداء يقول لأهله: أعندكم طعام؟ فإن قلنا: لا قال: فإني صائم يومي هذا) قال البخاري: وفعله أي الصوم بنية من النهار أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وحذيفة. قال في الإرشاد: وصل أثر أبي طلحة عبد الرزاق ووصل أثر أبي هريرة البيهقي ووصل أثر ابن عباس الطحاوي، ووصل أثر حذيفة عبد الرزاق وهذا كله في النفل قبل الزوال. ويدل له قوله في أثر أم الدرداء عند بن أبي شيبة (كان أبو الدرداء يغدو أحيانا فيسأل الغداء فإن قلنا: لا قال: فإني صائم)، وفي أثر أبي طلحة عند عبد الرزاق (أنه كان يأتي أهله فيقول: هل من غداء؟)، وقول ابن عباس (لقد أصبحت وما أريد الصوم وما أكلت من طعام ولا شراب ولأصومن يومي هذا).والغداء اسم لما يؤكل قبل الزوال وهذا مذهب الشافعية. واستدل له أيضا بأن النبي  صلى الله عليه وسلم قال لعائشة يوما: «هل عندكم من غداء؟ قالت: لا قال: فإني أصوم إذًا» رواه الدارقطني وصحح إسناده، ويحكم بالصوم في ذلك من أول النهار فيثاب على جميعه. وفي أثر حذيفة عند عبد الرزاق أنه قال (من بدا له الصيام بعدما تزول الشمس فليصم).

وإليه ذهب جماعة سواء كانت النية حدثت قبل الزوال أو بعده وهو مذهب الحنابلة وعبارة المرداوي في تنقيحه. ويصح صوم النفل بنية من النهار مطلقا ويحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية.

قال في الفتح: قال النووي في حديث أبي الدرداء وحديث الدارقطني دليل للجمهور في أن الصوم النافلة يجوز بنية من النهار قبل الزوال قال: وتأوله الآخرون على أن سؤاله هل عندكم طعام لكونه كان نوى الصوم من الليل ثم ضعف عنه وأراد الفطر لذلك وهو تأويل فاسد. وقال ابن المنذر: واختلفوا فيمن أصبح يريد الإفطار ثم بدا له أن يصوم تطوعا فقالت عائشة: له أن يصوم متى بدا له) فذكره عمن تقدم من الصحابة وزاد بن مسعود وأبا أيوب وغيرهما وساق ذلك بأسانيده إليهم قال: وبه قال الشافعي وأحمد، وقال ابن عمر: (لا يصوم تطوعا حتى يعزم من الليل أو بسحر). وقال أصحاب الرأي من أصبح مفطرا ثم بدا له أن يصوم قبل منتصف النهار أجزأه وإن بدا له بعد الزوال لم يجزه، قال ابن حجر: وهذا هو الأصح عند الشافعية. والذي نقله ابن المنذر عن الشافعي من الجواز مطلقا سواء كان قبل الزوال أو بعده هو أحد القولين للشافعي والذي نص عليه في معظم كتبه المتفرقة، والمعروف عن مالك والليث وابن أبي ذئب أنه لا يصح صيام التطوع إلا بنية من الليل ا[.

(و) صحته منوطة أيضا (بإمساك عن شهوتي البطن والفرج) أي الأكل والشرب والجماع لقوله تعالى: { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [البقرة:187]. ولحديث أبي هريرة أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يترك طعامه وشرابه من أجلي»، وحديثه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أفطر يوما من رمضان لم يقضه صيام الدهر وإن صامه».وحديث (المحترق الذي قال: هلكت يا رسول الله قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي في نهار رمضان)، أخرج الأحاديث الثلاثة البخاري، وفيها أن صحة الصوم منوطة بالإمساك عن شهوتي البطن والفرج والأحاديث بذلك متواترة وعليه الإجماع.

(و) صحته منوطة أيضا (بنقاء) أي طهارة (من) دم (الحيض فلا تصوم الحائض) لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال في بيان نقصان دين النساء مخاطبا لهن: «أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم قلن: بلى قال: فذلك نقصان دينها» أي المرأة أخرجه البخاري. (وعليها) أي الحائض (قضاؤه) أي الصوم إذا طهرت بعد رمضان لحديث عائشة قالت: (كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نطهر فيأمرنا بقضاء الصوم ولا يأمرنا بقضاء الصلاة).ففيه أن الحائض تقضي الصوم دون الصلاة وعليه الإجماع والله أعلم.

(والسنة) النبوية (تعجيل الإفطار) بعد تحقق الغروب لحديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» أخرجه مالك في الموطأ والبخاري ومسلم، وأخرج أبو داود وابن خزيمة عن أبي هريرة أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا الفطر».وأخرج ابن حبان والحاكم من حديث سهل أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم».وأخرج البخاري ومسلم عن عاصم بن عمر بن الخطاب أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم».(قبل الصلاة) أي صلاة المغرب لحديث أنس قال: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حتى يفطر ولو على شربة من ماء) أخرجه بن أبي شيبة. وروى عن ابن عباس وطائفة (أنهم كانوا يفطرون قبل الصلاة). (أوبعدها) كل ذلك واسع لأن التأخير المكروه هو التأخير إلى ظهور النجوم واشتباكها لحديث الموطأ عن حميد بن عبد الرحمن (أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا يصليان المغرب حين ينظران إلى الليل الأسود قبل أن يفطرا ثم يفطران بعد الصلاة).

(وكونه) أي الفطر (على رطبات) فإن لم يجد (فتمرات) فإن لم يجد (فحسوات من ماء) لحديث الترمذي وحسنه (أن النبي  صلى الله عليه وسلم كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء).وأخرج الترمذي أيضا وغيره وصححوه أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور».

(و) السنة (تأخير السحور) بفتح السين وضمها (لقرب طلوع الفجر) بأن يستحر قبله بمقدار قراءة خمسين آية لحديث سهل بن سعد قال: (كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم.وحديث زيد بن ثابت قال: (تسحرنا مع النبي  صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة قلت: كم بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية).وحديث عائشة قالت: (أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم قال القاسم بن محمد: ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا). أخرج هذه الأحاديث الثلاثة البخاري. وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، قال ابن عمر: وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت».

(وهو) أي السحور (سنة) أي أنه مطلوب طلبا غير جازم (وبركة) أي أنه إعانة على الصوم لحديث أنس قال قال النبي  صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» أخرجه البخاري. ففي الحديث مطلوبية التسحر وأن فيه بركة. قال في الفتح: المراد بالبركة الأجر والثواب، وقيل البركة ما يتضمن من الاستيقاظ والدعاء في السحر فتحصل بجهات متعددة وهي اتباع السنة ومخالفة أهل الكتاب والتقوي على العبادة والزيادة في النشاط والتسبب في الذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام.