من نشاطات المركز: مئوية الولاتي

اسمه ونسبه:
عبد المالك بن النفاع بن الطالب أحمد جدو بن محمد الأمين بن سيد محمد بن موسى بن اعلاتي بن ببكر بن هنون بن اسعيد بن داود بن عروق بن أحمد المعروف بأدي بن حسان ينتهي نسبه إلى جعفر بن أبي طالب.
محيطه الاجتماعي:
نشأ عبد المالك في أسرة عرفت بالكرم والصلاح كما عرفت بالحرص على التعلم والتعليم، فبرزت فيها مجموعة من العلماء الأجلاء عرف عنهم الورع كما عرف عنهم التصدي لكل أنواع البدع ومظاهر الانحراف الديني، ومن أمثال هؤلاء والد عبد المالك النفاع ولد الطالب أحمد جدو صاحب الشرح على إضاءة الدجنة للمقري وكذلك محمد المختار بن النفاع أخو عبد المالك الذي قال عنه صالح بن عبد الوهاب: "كان من الصالحين"، وكذلك أحمد بن عبد المالك وأيضا أحمد بن محمد المختار بن النفاع وكذلك ديدي ولد أن ولد عبد المالك وسيدي محمد ولد عبد المالك... 
ونظرا للمؤهلات العلمية التي تميزت بها هذه الأسرة فقد أنيطت بها مهام القضاء والإفتاء داخل القبيلة وخارجها فكان عبد المالك قاضي أهل أبي ردة الرسمي وكان سيدي محمد ولد محمد المختار ولد عبد المالك قاضيا رسميا في ولاته والنعمة، وكان أحمد بن محمد المختار بن عبد المالك قاضيا في النعمة وولاته أيضا، وكان الفقيه ديدي ولد عبد المالك متصدرا للقضاء والإفتاء في القبيلة.
وأما أبناء عبد المالك فمنهم محمد المختار وأحمد ومحمد البشير فمن أبناء محمد المختار بن عبد المالك أحمد توفي سنة (1343هـ) وكذلك سيدي محمد ولد محمد المختار توفي سنة (1376هـ)، ومن أبناء هذا الأخير محمد وسيدي الطالب.
نشاطه العلمي:
نشأ عبد المالك في وسط علمي بامتياز كما رأينا حيث تلقى المرحلة الأولى من تعليمه على يد والده النفاع ثم واصل بعد ذلك نشاطه التعليمي فأخذ عن الشيخ محمد الأمين ولد عبد الوهاب الفلالي المتوفى سنة (1254هـ) كما أخذ عن عبد الرحمن المحجوبي وعبد الله بن الحاج الرقيق وغيرهما من علماء ولاته المتواجدين في عصره حتى تشبع بعلوم عصره وشارك في كل الفنون الإسلامية والعربية، يقول عنه صاحب منح الرب الغفور: "... كان رحمه الله تعالى عالما فقيها نحويا لغويا بيانيا عروضيا منطقيا وكان قاضيا عدلا في قضائه بصيرا بالأحكام والوثائق عارفا بها وبعلوم أصول الدين والتفسير والحديث والفقه والأصول محققا ماهرا في الفنون كلها، رزق من الدراية والفهم والرواية حظا حتى كان الكلام طوع لسانه..."
ويقول عنه المختار بن حامد: "... وبالجملة فقد كان من أبرز علماء ولاته الذين يقتدى بهم ويرجع إليهم في مسائل الإفتاء...".
مؤلفاته:
رغم اشتغال عبد المالك بالقضاء والإفتاء والتدريس فإنه استطاع بموازاة هذه الأعمال أن يقدم لنا مجموعة من المؤلفات القيمة وخاصة حاشيته "التيسير والتسهيل على بعض مهمات خليل" التي ذاع صيتها في شرق البلاد وشمال الصحراء الكبرى حتى عرفت بحاشية عبد المالك، حيث كانت مرجع القضاة والمفتين في حل عويصات المسائل.
كما أن له بالإضافة إلى هذه الحاشية مجموعة من الفتاوي والأنظام وخاصة منظومة في الرد على مبتدعة الصوفية حيث بين فيها طريقة أهل السنة والجماعة حيث يقول في مطلعها:
يقول من سماه عبد المالك
إلى أن يقول: المرتجي إحسان خير مالك

فالعلماء هم الذين أيدوا
بحيث لا تزال منا طائفه
فالعلماء قاله البخاري
دين النبي المصطفى وشيدوا
ظاهرة للحق تلك الطائفه
فحقق العلم ولا تماري

ثم يقول في وصف المبتدعة من أهل التصوف
فمنهم من يدعي الولايه
ويدعي معرفة المسروق
للكشف بالغيب بلا درايه
جهالة منه بلا تحقيقي

وفاته:
اختلف المؤرخون في تاريخ وفاة عبد المالك فذكر صاحب منح الرب الغفور أنه توفي سنة (1265هـ) وذكر صاحب معجم المؤلفين الموريتانيين أنه توفي سنة (1250هـ) بينما ذكر ابن حامد والخليل النحوي أنه توفي سنة (1252هـ) معتمدين على ما كتبه عنه صالح بن عبد الوهاب الناصري لأنه عاصره فروايته مقدمة على غيرها.
مصادر ترجمته:
ترجم له كل من:
- الخليل النحوي، "بلاد شنقيط المنارة والرباط"، (ص 583) طبع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس 1987، 
- أبو بكر بن أحمد بن المصطفى المحجوبي في كتابه "منح الرب الغفور في ذكر ما أهمل صاحب فتح الشكور" (ص 138-139) دراسة وتحقيق الهادي المبروك، الطبعة الأولى، 2007م مطابع الوحدة العربية الزاوية، الجماهيرية الليبية.
- المختار بن حامد في موسوعته "حياة موريتانيا" الجزآن السادس والعشرون (بنو حسان) والثلاثون (ممالك السودان وأعلامهم)، تصحيح ومقابلة يحي بن البراء والحسين بن محنض مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
- صالح ولد عبد الوهاب "الحسوة البيسانية في الأنساب الحسانية" (ص 55).
- سيدي محمد ولد بزيد في كتاب "معجم المؤلفين الموريتانيين".
- سيداتي ولد بابيه في كتابه "ولاته من الحاضر إلى الماضي" (ص 104). 
أضواء على حاشية عبد المالك
عرف كتاب عبد المالك بن النفاع "التيسير والتسهيل على بعض مهمات خليل" في الأوساط العلمية الولاتية بحاشية عبد المالك، حيث كان الكتاب موسوعة علمية متميزة في فقه المعاملات وخاصة ما يتعلق منها بهذه البلاد في تلك الفترة حيث يقول عبد المالك في سبب تأليفه.. "... لما قرأت مختصر خليل من منة ربي الكريم الجليل احتجت لشروحه فإذا ما بيدي منها قليل سولت لي نفسي أن أجمع عليه حاشية مقتصرة على ما تمس إليه الحاجة من أحكامه الواقعة في بلادنا لأستغني بها ويستغني بها مثلي ممن قلت بضاعته في الكتب عن جل شروحه.." وحسبك من حاشية تغني أمثال عبد المالك وغيره من فطاحلة علماء ولاته في عصره عن غيرها من أمهات المذهب على كثرة ما بأيديهم منها في تلك الفترة.
وقد سلك عبد المالك في هذه الحاشية منهجا انتقائيا حيث كان يختار المهمات من المسائل في كل فصل كما يشير لذلك عنوان الكتاب وذلك على أساس درايته بالنص المشروح "مختصر خليل" كمدرس ومفتي وقاضي، فكان يتصرف في النصوص تصرف الناقد البصير فيكتب منها ما يريد ويختار مع عزوها لمصادرها، يقول عنه صاحب "منح الرب الغفور" (..له حاشية على خليل تدل على سعة باعه في الفقه جمع فيها نقولا من المدونة وشروحها وابن الحاجب وشروح خليل وتبصرة ابن فرحون وابن يونس وكتب المتأخرين إذا تكلم فيها على مسألة أوضحها غاية الإيضاح وجلب ما فيها من الأقوال الصحاح حتى صارت أوضح من شمس الضحى..).
وتكمن أهمية هذا الأثر العلمي النادر في كونه ينقل عن مصادر قيمة لا تزال مخطوطة كحاشية أحمد باب التنبكتي ومجمع الواداني وابن غازي والمشدالي وكبير الخرشي والشبراخيتي والسنهوري والمسعودي وغيرهم هذا بالإضافة إلى جمعه لشتات معتبر من نوازل علماء هذه البلاد المشاهير.
وهكذا كانت هذه الحاشية موسوعة فقهية متميزة جمعت ما تفرق في أمهات المذهب المالكي فالتقى فيها الرافد المصري بالرافد المغربي أو الاندلسي.
تنبيه:
أذكر القراء الكرام أن حاشية عبد المالك "التيسير والتسهيل على بعد مهمات خليل" تحت الطبع الآن وستطرح قريبا في المكتبات بحول الله وقوته وهي خطوة كبيرة في سبيل بعث تراثنا العلمي الثر الذي لا يزال أغلبه تحت الأنقاض.
وبهذا تنضاف إلى المكتبة الفقهية موسوعة علمية متميزة ستكفي العاملين في حقلي القضاء والإفتاء وكذلك الدارسين مؤنة البحث عن شتات المسائل والنظائر الفقهية بحول الله وقوته وليس الخبر كالعيان.
والله الموفق للصواب.

عبد الله ولد ابراهيم ولد عبدات