آخر الأخبار

من نشاطات المركز: مئوية الولاتي

مقالات

كتابات فقهية

 

قصيدة العلامة الفقيه محمد عبد الله بن محمد المختار بن محمد يحيى الولاتي
في مدح النبي صلى الله عليه وسلم والتورية بسور القرآن
قراءة أولية وعرض – د . محمد ولد الداه ولد أيد

 

أثناء بحثي في ملف بيوتات الشعر في ولاتة الذي كنت قد فتحته في مقال سابق وعدت فيه القارئ بإعطائه نماذج من بيوتات الشعر في ولاتة، من خلال نماذج لأسر تجسدت فيها الأصول النقدية التي أرساها النقاد في بيوتات الشعر العربية، وهي أسر: أهل الإمام وأهل ابو وأهل الحاج أعمر، صادفتني قصيدة من شعر العلامة الفقيه محمد عبد الله بن محمد المختار بن محمد يحيى الولاتي في مدح النبي عليه أفضل الصلاة والسلام والتورية بسور القرآن، كنت قد سمعت عنها كثيرا لكنني لم أظفر بالاطلاع عليها إلا خلال هذه الرحلة البحثية؛ فرأيت من المناسب نشرها في هذا الظرف قبل الوفاء بما تعهدت به لما بها من أمور تستدعي التخصيص، فهي تدل على الرعاية الأبوية في المجال من العلامة محمد المختار لابنه محمد عبد الله كما تبين ذلك مقدمة الشاعر لقصيدته، وهي محاكاة لنص سابق لشاعر ضرب بقصيدته المثل في الانتشار والتداول، ألا وهي قصيدة شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الهواري المعروف بابن جابر الأندلسي التي يقول في مطلعها:

في كل فاتحة في القول معتبره *** حق الثناء على المبعوث بالبقره

وهي تحمل إشارة واضحة من الشاعر لما اتسم به شعر الحواضر العتيقة (ولاتة ، شنقيط ، تيشيت ، وادان) من النزعة الدينية الغالبة وتجنب غرض الغزل والنسيب حتى وإن كان في مثلها ليس بقادح، وقد سار عليه العرب في منهجهم (نستحضر هنا قصة بانت سعاد).

وهي إلى جانب  هذا كله تمثل مدى تعلق العلامة الفقيه محمد عبد الله بن محمد المختار بن محمد يحيى الولاتي رحمهم الله بموطنه ولاتة وتحسره لما آلت إليه حالها، وتمنياته أن يعيدها الله إلى سابق عهدها (مصر العلم والهدى تسيل بتقوى الله منه الأباطح) ، وهو أمر عهدناه لديه في أكثر من مناسبة لعل أبرزها وأهمها قصيدته ذائعة الصيت بين الناس (مني إلى المنتمى إلى ولات أبا)

وتتكون القصيدة من ست وأربعين بيتا خصص منها للمضمون واحدا وثلاثين بيتا، وقسم خمسة عشر بيتا بين المقدمة والخاتمة .

فخصص أبيات المقدمة  للترحيب بمقدم شهر المولد تعويضا عن جانب النسيب الذي ذكر أنه كان قد بدأ به ثم عدل عنه .

وخصص أبيات الخاتمة للدعاء كما هو معتاد في مثل هذه المواقف إلا أنه أبرز حاجة مدينة ولاتة للمطر ليجري الماء في عيونها الغائرة ، وينبت لها الكلأ.

وهي بهذا العدد تقارب قصيدة الأندلسي التي جاءت في خمسة وخمسين بيتا خصص منها للمضمون ثمانية وأربعين بيتا وختمها بسبعة أبيات ذكر فيهما العشرة المبشرين بالجنة وبعض آل النبي عليه وعليهم الصلاة والسلام.

وقد ذكر محمد عبد الله بن محمد المختار بن محمد يحيى الولاتي رحمهم الله سور القرآن حينا بأسمائها المعتادة والمرسومة في المصاحف، وحينا آخر بأسماء يعرفها المتخصصون كتسميته البقرة بالزهراء وهي من أسمائها كما في صحيح مسلم: اقرأوا الزهراوين، البقرة وآل عمران، وكذا تسمية سورة المائدة بالمنعقدة وهي تسمية لها، كما سمى بعض السور ببداياتها المعروفة والتي تكون أحيانا اسماء لها كتسميته للتوبة ببراءة وللمعارج بسال سائل وللإنسان بهل أتى وللعلق باقرأ ، وللبينة بلم يكن ، وللمسد بتبت ، وورى أسماء بعض السور  كتسميته لسورة الهمزة بقوله : ويل للذي هزئا .

يقول العلامة الفقيه محمد عبد الله بن محمد المختار بن محمد يحيى الولاتي رحمهم الله في تمهيد قصيدته:

هذه قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم والتورية بسور القرآن أنشأتها، ولما أردت إنشاءها في خالص مدحه صلى الله عليه وسلم تذكرت أمرا من والدي رحمه الله تعالى بإنشاء قصيدة تحاكي قصيدة ابن جابر الأندلسي المشهورة بحسن المدح والتورية فامتثلت أمره؛ وكنت ابتدأتها بالنسيب فتركته، وقلت راجيا من الله الكريم أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن يتقبلها بأحسن القبول بجاه صاحبها الممدوح أبي البتول وأن يجيب دعائي فيها وفي غيرها لجميع المسلمين؛ وسألت الله فيها أن يحيي قريتنا ولات كما كانت عامرة بالعلماء وبالدين ، والقصيدة ها هي ذي :

أحبـب بشـــهر ربيـــــــع كلما نشـــئا

عاد الســــرور لــــنا به كــما بدءا

أهـلا وســــهلا بشــهر فيه قد ظـــهرت

للخـــلق صـــــورة من لــــولاه ما ذُرءا

يا لـــــيلة من لـــــــيال الشـــهر قد فخرت

كل اللـــــــيالي لما فــــــيها لنا خبـــــئا

وكان للمـــلإ الأعلى بها فـــــرح

بمـولد المصطفى أحـــــــبب بذا ملـــئا

كذا الوحـــوش لها بــــشرى بمـــولده

والأرض قد فرحت بما لها فجــــئا

وأصـــــبح الكــــفر محـــزونا أكاســرة

كذا القــــياصر لما استنــــبئوا النبـئا

إذ أيـقن الكل أن قد حان مبــعث مـن

بدينه كل ديــن الكفر قد خسـئا

لما رأوا مــن وقايــــة الإلــه لـه

بـكل فاتــحة من الكـتاب رِءا

زهــراءه ءال عمران وقاه بـها

كذا الـذي في النسا المـولى له نسئا

كذا العـقود مع الأنــعام قد عرفت

بنــــبل أنفـاله مما دنــــا ونــــــأى

وفي بـــــراءته للمـــشركــــين ردى

وإن يــــــونس مع هـــــود به كلــــئا

ويوســــــف، الرعـــد إبراهيم حــــجرهم

والنـــحل لو لم يك الإســــــراء ما قــرئا

بالكهـف مريم طـه الأنبـياء ســــمى

والحــج بالمؤمنــين النور ما طفـــــئا

فرقانــــه الشـــــعرا والنـــــمل ذو قصـص

للعنــكبوت وجا في الــــروم ما مـــــرءا

لقمان ســـجدته الأحــزاب قد ظهرت

فيـــــهم نــبوءته فشاكلوا ســـــــبئا

حباه فاطـــرنا ياســــين خـــــير سمـــى

وصــفُّ الأمــــلاك مع صاد به وطــــــئا

وشــــاع في زمـــر الكــــفار وطـــــأته

وغافـــــــر الذنــــب لم يـــــترك به صــدئا

وفصــلت ســـــور الذكر الحـكيم له

وقومـــــه أمــــرهم شـــــورى بها بـرئا

في زخــرف كالـــدخان من شريعــته

ما جاللأحــــقاف مما للعــــدا نكــئا

وبالقـــــتال وبالفتــح المبيـن عــلا

وعــــز في حـــجرات الديـــــن واتكـئا

قاف لــــه الذاريــــات الطــــــور ساديـها

ونجـــــمه قـــمر بالـــــنور ما فتــــــئا

وشيَّبــــَتْه مــن الرحمــــــن واقعـــة

لها  يــــذوب حـديد لم يـكن صــــدئا

وفي مجادلـــة والحشـــر ممتحــــنا

مهاجــــرات لصــف رامه لجـــــئا

في جمعة والمنافـقون معــجزة

فيها التـــــغابن والطـــــلاق قد وبِــــئا

تحـــريمه ليس للمـلك الحـــــلال يرى

ونونه قـــــسم أن لا جـــنون رأى

حقـت له من بــناء الحـــــق عاقــلة

وسال قـــوم به لله ملتجـــــئا

والجـن تالله للـــمزمل استمـــعوا

مدثــــرا لقــيامة وما ظــــرءا

وهــل أتى لنـبي ما لسيــــدنا

من مرسلات له تعـمنا نبــئا

والنازعـات بها الأعـدا رأوا عبـــسا

له الجمـــيع مع التكوير قد شنـــــئا

وبانفطار وبالتطفـــــيف يهــلك من

عاداه يوم انشـقاق بعد ما نسـئا

وبالبــروج وطـارق لـه شـرف

به العدو جمــــيعا كلـــهم رزئا

بســــبح اسم ربك اعتــــلى وعـــلا

لخوف غاشــية والفـجر والتجــــئا

ونال بالبـــلد الحـــرام كل مـــنى

والشمــس والليل والضـحى بها اجتــــرءا

وبانشــراح وبالتــــين الثـــناء لــــه

يــــوم القــــيامة فاقرأ ما لـه قرءا

في ليـلة القـدر لم يــكن بزلــــزلة

والعاديات تــراه الــــدهر مخــــتبـــئا

ويــــــوم قارعــة من التكاثــر لن

يخاف والعصر ويـل للـذي هـــزئا

والفـــيل ما لقـــريش فـــــيه منقــــبة

بــل فــــيه نصر الذي لم يختش الخطـئا

ماعــونه الدهــر مبذول كـكوثره

والكافــــــرون يــــرون يـــــومه الظمــئا

بالنـــصر تــبتله يـــدا أبي لهـــب

إخــلاصه فــلق في الناس ما خطــــــئا

بـــه إلهي وما في الـذكر من ســـور

اجـعل لنا شــرف الداريـن قد هنئا

وداركــنَّ إلـــهي أمــة وســطا

حتى يــرى الناس عــــنها الكرب منـــدرءا

لأنـــــها قد غــــدت للـــناس ملعـــــــبة

والكل متـــــــخذ لديــــنها هـــــــــزؤا

وهـــــب لنا رب في الـــــدارين عافــية

وحــــــوِّل الحال إن الـــكل قد لجــــئا

واســـــــبلن معيـــنا في العـــــــيون لــنا

في قــــــــرية طالما لم تنبــــت الكـــــلآ

والطــــــف بعـــــبدك في الداريــن إن لــه

حـــوبا بتـــــذكاره الغــــزال والرشـــئا

وصــــــل رب على خـــــــير الورى سلــفا

وخــــــيرهم خـــلفا وخـــــــيرهم مـــلئا