من نشاطات المركز: مئوية الولاتي

من الأعلام الولاتيين:محمد الشيخ بن باريك

إعداد: الأستاذ علي مروان
هو محمد الشيخ بن سيدى محمد بن محمد بن باريك ت 1337ه-1919م من الأعلام الحفاظ , أعطاه الله بركة فى الولد فكانوا مرجعا فى علم القرءان ومنفقين فى السبيل لا تدرى أيسارهم ما تقدم أيمانهم. واجداد اسرة اهل باريك من الفرقة التى تيامنت من أولاد بو اعلى بعد وقعة تكلط 1073م وهى لأولاد زيد على بنى عمومتهم من أولاد علوش من داود اعروق، حيث تميز اولاد علوش بعدها بفرقتين إحداهما اولاد علوش الرحل فى العوالى، و الاخرى اولاد علوش البقر الذين استقرو فى اماكن محددة.
وسلسلة آباء محمد الشيخ هى كالتالى:محمد الشيخ بن سيدى محمد بن محمد بن باريك بن اعلى بن ناجم بكاربن عبد الله بن اعمر, وفى بيت بكار بن عبد الله بن اعمر رئاسة ابناء بوعلى بن علوش, واخو المترجم محمد الا مين بن باريك العالم صاحب التاليف العديدة التى من بينها: "مقام التفسيرعلى نظم حسن التحرير لمحمد يحيى بن سليمة" ,وقد أدركت نجله الحافظ والمحافظ على السنة والجماعة ان بن محمد الشيخ ت1999م، وكان اخر من عرفتهم فى ولاته من الرجالات الا شداء فى الدين يغضب عندما يرى مروقا عن السبيل, ومنفقا فى السر , رحم الله هذه الكوكبه من ، الأعلام، فقد كانو خير خلف لخير سلف
-انظر حوادث السنين/تاليف المختار بن حامد/تحقيق د.سي

نغتنم هذه الفرصة لإبراز الأدوار العلمية التي قام بها بعض العلماء الولاتيون عبر التاريخ وإسهاماتهم في إحياء التراث الإسلامي كابرا عن كابر وإزاء هذه المناسبة الثقافية المعروفة بمهرجان المدن التاريخية (نسخة ولاته) نعرف باحد أعلامها المعاصرين الذين سخروا وقتهم وجهدهم لنشر العلوم وتفسير المتون لفائدة الأجيال هذا العلم هو:

مروان بن سيد محمد بن محمد المختار ولد محمد يحي الولاتي وطنا العلوشي نسبا ولد بولاته سنة 1350 هـ الموافق 1930 م نشأ فيها وتربى تربية دينية وتعلم الحروف الهجائية كعادة بقية أقرانه، على جدته الطاهرة بنت شيخنا محمدي، ثم بعد ذلك انتقل إلى الكتاب حيث حفظ القرآن على الفقيه شيخنا ولد حمى الله ولد شيخنا التيشيتي الماسني وهو ابن عشر سنين ثم تحول بعد ذلك إلى تجويده على الفقيه الشاب الورع فال ولد أعل بان البلاوي، حيث جوده عليه حفظا عن ظهر قلب وتجويدا، لما عرف به من مهارة في فن تجويد القرآن رحمه الله، ودرس بعد ذلك المتون المعتمدة في التدريس بمحاظر ولاته كالعقيدة واللغة والنحو والفقه والأصول على علمائها الكبار: أمثال أب ولد شيخنا محمدي والإمام محمد جدو ولد محمد الأمين والفقيه المحدث مروان ولد أهل أحمادو وأخيه الأكبر الفقيه ولد سيد محمد رحم الله الجميع.

الإجازة التي حصل عليها في علم الحديث:

درس الحديث ومصطلحه على شيخه سابق الذكر مروان ولد أهل حمادو وعلى الشريف سيداتي ولد باب عينين حيث أجازه إجازة صحيح البخاري سنة 1374 هـ الموافق 1954 م إجازة مكتوبة، وقد أجاز هو في الحديث ومصطلحه كوكبة من الأعلام من أهمهم الإمام بداه ولد البوصيري التندغي، ومحمد عبد الله ولد أحمدتي إمام مسجد السوق في أنواكشوط والوزير شيخنا ولد محمد لغظف وسيد محمد ولد أباتي الجكني وغيرهم...

نشاطاته الأخرى:

انصرف والدنا المرواني بعد تحصيله للعلوم إلى الاشتغال بالتجارة واستمر فيها عقدا من الزمن إلا أن أشار إليه بعض الإخوان في المشاركة في مسابقة امتحان شهادة الكفاءة في التعليم، ونجح فيها متفوقا، حيث يقول عن نفسه أنه لم يكن يرغب في التكسب عن طريق الوظائف الحكومية، إلا أن بعض الإخوان ألحوا عليه بدخول هذا الحقل حتى شرح الله صدره لذلك بعد الاستقلال، راجيا بذلك الأجر والثواب وخدمة الوطن، وكان والدنا إلى جانب ذلك شاعرا مفلقا، كانت بداية تجربته الشعرية إثر سفر له بقصد التجارة في جمهورية مالي، حيث جادت قريحته بالأبيات التالية

رجوت إلهي ابتهلت بأحمد
والآل والأصحاب جمعا لشملنا
على الطائر الميمون سعدي طائر

عليه صلاة ما طار سائح
وإني في الدارين غاد ورائح
وأمري ميسور وتجري رابح

وقد أنشد قصائد كثيرة في المناسبات الوطنية والقومية، كمرثية لجمال عبد الناصر ونقد للأوضاع الاجتماعية الفاسدة والنصح للقائمين على شؤون البلاد، وقد عثرنا على رد لأبيات سبق وأن ودع بها الحاكم الذي كان في ولاته آنذاك سنة 1973 المعروف بمحمد عبد الرحمن ولد معاوية، لم نعثر إلا على رد هذا الأخير الذي يقول:

مروان يا ابن مصابح الدجى النجبا
هذي المشاعر لا تبدو غرابتها
أنتم عرابات رايات العلى وله
مني إليكم وداع مثلما عذبت

يا خير منتسب يوما إذا انتسبا
إلا لمن يجهل الآباء والنسبا
شيدتم القصر والأوتاد والطنبا
أبياتكم في حين فاقت الأدبا

وكان من ضمن نشاطاته التعليمية أيضا بولاته تدريس المتون المتداولة في المحظرة الولاتية كشرح الأوجلي أو (البليم) والخريدة في العقائد ورسالة ابن أبي زيد القيرواني وشرح المختصر إلى غير ذلك من العلوم الشرعية التي اختلف إلى تدرسيها بعد تقاعده 1988.


تآلفيه:

نظم نثرا لنفسه في العقائد في مئة وثمانين بيتا وشرح نظم الأوجلي ووضع شرحا على الأجرومية، كما شرح نظما لعمه محمد عبد الله ولد محمد المختار ولد محمد يحي بن أهل أب في الفرائض في مائة وستين بيتا، كما شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني واختصر رحلة جده الفقيه محمد يحي ولد محمد المختار الولاتي إلى الحج وله أيضا نظم الأخضري لمحمد عبد الله ولد الحاج حمى الله سماه فتح الرحمن في علوم فروض الأعيان، وقد قرظ هذا الكتاب بأبيات شعرية رقيقة العالم الحجة الشيخ محمد سالم بن محمد عالي بن عبد الودود المباركي وهي كالتالي:

لا غرو إن شيدت يا مرواني
وشرحت نظمي مرجعين لفقهنا
لا زال بيتكم الكريم بأرضنا
وحوت بنوكم من مآثر جدكم
توفي رحمه الله 24 شوال 1427هـ

ما أسس الأشياخ من بنياني
تعانق الشرحان والنظمان
مأوى الغريب ومورد الظمآن
إرث العصوبة يا بني الأعيان



والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد الأولين والآخرين ورحم الله والدينا والمسلمين وجمعنا وإياهم في جنات النعيم مع الصديقين والشهداء والصالحين.

عالي ولد مرواني ولد سيد محمد

 

التعريف والتقديم:

هو محمد الأغظف بن أحمد مولود بن خي بن محمد عبد الدائم ابن عبد الله بن محم المحظري الإبراهيمي الجكني، وقد عرف بالوسري نسبة إلى حي من قبيلته ، تسمى بهذا الاسم لكونه ينتمى إلى عدة بطون من قبيلة تجكانت، إذ قد خرج مؤسسوه من مدينة تنيكي عند ما لاحت نذر الحرب الأهلية في فضائها، اعتزالا للفتنة وقطع الرحم وسفك الدماء، ونظرا لاشتراكهم في دافع الخروج من المدينة في فترة زمنية واحدة، وانطلاقا من كونهم لا ينتمون كلهم إلى بطن واحد أطلقوا على أنفسهم اسم "الوسرة" وهي عبارة حسانية تفيد معنى التلاحم والتعاضد،

وقد ولد العلامة محمد الأغظف سنة 1262هـ جرية في تخوم مدينة ولاته التاريخية الواقعة في منطقة الحوض الشرقي، فنشأ وترعرع في كنف بيت علم وورع ودين، إذ كان أبوه من أهل العلم الذين ورثوه أبا عن جد، وقد سماه باسم الولي الصالح والعالم الورع محمد الأغظف بن حمى الله بن سالم الداودي وذلك لكونه أحد أجداده من جهة الأم.

وإذا كان بيت أبيه بيت علم وورع، فإن بيت أمه كان كذلك، إذ هي: خدي بنت الطالب محمد بن عبد المالك الداودي، نشأت في وسط علمي وثقافي متميز، وقد تلمذ مترجمنا لأحد أخواله هؤلاء، وهو العلامة القاضي أحمد ولد عبد المالك في ولاته.

الدراسة وطلب العلم:

درس محمد الأغظف القرآن العظيم فحفظه وهو ما يزال حدثا، ثم درس مبادئ العلوم الإسلامية والعربية على علماء قبيلته، وبعد ذلك انتقل إلى مدينة ولاته التي كانت يومها في أوج عطائها العلمي، وقمة ألقها الثقافي، فنهل من معين مكتباتها، وارتوى من عطاء شيوخ محاضرها، فلازم بعضهم حتى أجازه، وفي مقدمة هؤلاء الفقيه القاضي أحمد ولد عبد المالك الداودي حيث درس عليه الفقه، ثم العلامة محمد يحي بن محمد المختار الولاتي الذي أجازه في علوم الحديث والأصول والعربية وغيرها. بيد أنه لم يكتف بذلك فواصل رحلة طلب العلم حتى حل بمدينتي تيشيت وتينبكتو حيث التقى بمشاهير علمائهما، وأخذ عنهم حتى استوعب العلوم المتداولة يومها في المحاضر الموريتانية رواية ودراية، وذلك بفضل صلابة عزيمته، وقوة تصميمه على الظفر بما ندب نفسه لتحصيله، ونذر حياته لحيازته والتعاطي معه، فكان له ما ما أراد حيث صار من أكابر علماء عصره، وأسس محضرة ذاعت شهرتها ودوى صيتها خلال فترة وجيزة من إنشائها.

تأسيس المحضرة والتفرغ للتدريس:

أنشأ محمد الأغظف محضرته بعد عودته إلى حيه " الوسرة " في بداية العقد الأخير من القرن الثالث عشر فأقبل عليها الطلاب من كل حدب وصوب ينهلون من رحيق معارف صاحبها المتعددة. وكان من بين خريجي هذه المحضرة، أعلام أفذاذ أمثال محمد الخضير بن ما يابي الذي لازم الشيخ منذ سنة 1298هجرية حتى أجازه في عدة فنون من المعرفة. ومن هؤلاء كذلك أبناء عمه :محمد الأمين ولد إبراهيم ومحمد المختار ولد اكاي ، وأحمد ولد محمد آبه، إضافة إلى خلق كثير من غير قبيلته منهم العلامة الشيخ سيدي محمد بن إلياس الجماني.

رحلات الحج والإقامة في البلاط المغربي:

   رحل الشيخ محمد الأغظف إلى الديار المقدسة ثلاث مرات فأفاد واستفاد، وفي عودته من الثالثة مر بمراكش فالتقي بالسلطان المغربي الحسن بن محمد، وعند ما أدرك هذا الأخير سعة علم واطلاع الشيخ محمد الأغظف، اعتبره جوهرة نادرة رمته بها الصحراء الشنقيطية، وعليه أن يعض عليها بالنواجذ. فقربه وطلب منه الإقامة معه مكرما معززا فقبل، ثم أسند إليه مهام متعددة ورد ذكرها في ملخص ترجمته التي كتبت في هامش كتاب :العذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل للسلطان مولاي عبد الحفيظ، فجاء فيه ما نصه:"هو محمد الأغظف بن أحمد مولود بن خي الجكني المحظري(1262-1337 هجرية) أحد كبار علماء شنقيط والمغرب، ولد في تخوم مدينة ولاته، فحفظ القرآن ودرس العلوم العربية والإسلامية في محاضر ذويه، ثم التحق بحاضرة ولاته المشعة علميا آنذاك، فنهل من معين علمائها وأحاط بعلومها، الأمر الذي مكنه من

تصدر علمائها وعلماء قبيلته الحميرية الوافرة والذائعة الصيت في عموم المغرب وإفريقية والحجاز، فصار قبلة طلاب العلم ومحط أنظار العلماء والقضاة لحل عويصة أو تقييد شاردة. قام بعدة رحلات للحج، كان في كل مرة يقضي سنين للتدريس في مكة والمدينة المنورة، وفي طريق عودته الثالثة من الحج مر بمراكش، فالتقى بالسلطان الحسن بن محمد سنة 1317 هجرية، فأعجب بعلمه فعينه رئيسا للقضاة وأسند إليه مهمة تعليم الأمراء، وخاصة الأمير عبد الحفيظ الذي لازمه ونهل من علمه، وهذا ما دفع الأمير إلى تعيينه مفتيا للديار المغربية عند ما آل إليه الأمر.وفي هذه الفترة التي تقدر بعشرين سنة صار بيت الشيخ محمد الأغظف في مراكش مركزا علميا لطلبة العلم وملاذا للوافدين من علماء شنقيط ومشاهيرها.."

ومن خلال هذا الاستشهاد ندرك بوضوح مستوى الثقة والاعتبار الذي منحه السلطان الحسن للشيخ محمد الأغظف حيث جمع له بين مهام تدريس الخاصة من الأمراء وممارسة رئاسة السلطة القضائية ، وبهذا الجمع بين التدريس وممارسة القضاء في المغرب ذاع صيته وطبقت شهرته الآفاق. فيممه الطلاب والعلماء يمتحون من بحره الزاخر بتنوع المعارف، فانتفع به خلق كثير وتخرج على يديه فطاحلة أفذاذ في مقدمتهم السلطان مولاي عبد الحفيظ الذي أجازه في مختلف العلوم الشرعية واللغوية، ولهذا نرى السلطان يشيد في غير ما موضع وينوه في أكثر من مناسبة في ثنايا تصانيفه المختلفة، بالمناهج الشنقيطية في التدريس والتأليف.ومن خلال إعجابه بالممؤلفات الشنقيطية المختلفة، وتناوله لها بالدرس والتعليق ندرك حجم الجهد الذي بذله محمد الأغظف في سبيل التعريف بالإسهامات الشنقيطية في مختلف التخصصات والمعارف المتداولة في ذلك الوقت.الأمر الذي يسمح بالقول :إن الشيخ محمد الأغظف شكل نقطة تحول في العلاقات الثقافية بين المغاربة والشناقطة، وكان نافذة رد الشناقطة من خلالها الجميل إلى المغاربة، بحيث أصبح هؤلاء الأخيرون يرتادون موائد الشناقطة العلمية لإشباع نهمهم المعرفي، بعد أن كان العكس هو السائد. وهو أمر يتجلى من خلال الحضور القوي لمدرستي سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم في الأصول، والمختار بن بونا في النحو ومباحثه، في مدارس ومؤلفات المغاربة. ولعل الجهد العلمي للسلطان عبد الحفيظ أوضح دليل على ذلك.إذ كان شديد الإعجاب بالشناقطة وخاصة أستاذه الشيخ سيدي محمد الأغظف، حيث يقول:"...أشياخي منهم الولي الصالح والقطب الواضح، ذو التآليف العديدة، والفوائد المفيدة،  والقدم الراسخ في معرفة الله عز وجل سيدي محمد الأغظف..." (العذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل ص 3، مطبعة أحمد علي نقاش 1326 هجرية).

ولم يقتصر التنويه بالشيخ محمد الأغظف على تلميذه السلطان عبد الحفيظ، بل نوه به علماء كثر وسادة أخيار في مقدمتهم العلامة مولاي على الروداني الأدريسي، وذلك في حاشيته على شرح محمد الأغظف لكتاب: السبك العجيب في نظم معاني حروف مغني اللبيب للسلطان عبد الحفيظ. يقول الإدريسي المذكور"الفقيه العلامة،  البحر الفهامة، المشارك في جميع العلوم المنثور

منها والمنظوم، سيدي محمد الأغظف". وقال عنه العباس بن إبراهيم السملالي في كتابه:الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام:"الشيخ محمد الأغظف ...الفقيه البركة الناسك... شيخ الأخيار والكبراء والعرفاء"(الصفحة 218-219).

ولمحمد الأغظف مؤلفات عديدة كما مر بنا غير أن أكثرها ما يزال مفقودا، ومن أشهر مؤلفاته المتداولة:شرح السبك العجيب في نظم معاني حروف مغني اللبيب،   للسلطان عبد الحفيظ.

الحضور في الشأن السياسي المغربي العام:

     لم يقف شأن الشيخ محمد الأغظف عند علو كعبه في العلم والمعرفة، وكونه قبلة الدارسين .ومدرس الأمراء،  ولا عند منصب قاضي القضاة أو مفتي الديار المغربية. بل كان له نفوذ قوي في تدبير الشأن العام ، وحضور متميز على مستوى الرأي والمشورة ، وثقل ملحوظ في التأثير في مركز القرار، ولعل دعوته إلى خلع السلطان مولاي عبد العزيز وتنصيب أخيه المولى عبد الحفيظ مكانه ملكا على المغرب أوضح برهان على هذا النفوذ الذي زاد وتعزز بعد وصول مولاي عبد الحفيظ إلى الحكم سنة 1325 هجرية. وفي هذه الفترة وصل أبناء مايابى: محمد العاقب ومحمد حبيب الله ومحمد الخضر رفقة ابن عمهم البيضاوي إلى المغرب فا ستقبلهم محمد الأغظف وقدمهم إلى السلطان فقربهم هذا الأخير وأكرم وفادتهم لعلاقتهم النسبية والعلمية بشيخه ومستشاره. وقد مكث محمد الخضر مع شيخه محمد الأغظف ست سنين ثم هاجر إلى المشرق. أما البيضاوي فقد ظل تلميذا له إلى أن تبوأ مكانة خاصة عند السلطان فعينه باشا تاردانت إكراما له وللشيخ محمد الأغظف.

ومن تجليات نفوذ الشيخ محمد الأغظف السياسي معارضته للإنتداب الفرنسي وتحريضه على مقاومته،   ورفض الإعتراف بسلطة فرنسا على المغرب بعد نفي السلطان عبد الحفيظ.مما جعل الحاكم الفرنسي يستشعر الخطر من نفوذه المؤثر في الساحة المغربية،   حيث بادر إلى فرض الإقامة الجبرية عليه في بيته،  وظل على تلك الحال حتى توفي رحمه الله سنة 1337 هجرية ودفن بروضة الإمام السهيلي،  أحد السبعة رجال بالمغرب،  وتعتبر هذه الروضة من أهم المزارات الدينية بالمغرب.وقد رثاه خلق كثير في مقدمته تلميذه وابن عمه الباشا البيضاوي باشا تاردانت. 


إعداد الأستاذ: محمد الأغظف ولد الداه
نائب رئيس مركز البحوث والدراسات الولاتية 

 شكلت مدينة ولاتة نموذجا حضريا في وسط بدوي غير مستقر، وللحفاظ على حياتها واستمرارها شكلت نظاما سياسيا متميزا هو السلطة الجماعية في صورة مجلس أعيان يمثل فيه كل حي بنقيب، يترأسه نقيب حي المحاجيب[1] ولمواجهة تحديات الهجمات التي تتعرض لها المدينة باستمرار، استخدم هذا المجلس، السلطة الدينية والروحية، ودفع المداراة، فضلا عن المدافعة والتحصينات العمرانية التي لا تحمي إلا ما هو داخل حصن المدينة، فكان هذا المجلس هو الضامن لاستمرار دور المدينة وحياتها وبالتالي لا يمكن أن يترأس هذا المجلس إلا عالم لبيب، خبير بتدبير الشأن العام، وآخر رئيس لهذا المجلس قبل الفترة الاستعمارية هو الفقيه الطالب ببكر، فمن هو هذا الرجل؟ وهل توفرت فيه الشروط المطلوبة لهذا المنصب؟ وهل نجح في إدارة مجلس الأعيان؟

في هذا البحث المتواضع سنتناول حياة هذا الرجل ودراسته ، وجهوده العلمية التي أهلته لمنصب القاضي، ورئاسة مجلس الأعيان، ومسيرته وسيرته، ونبذة من مناقبه،

أولا: أصله وفصله ودارسته

1-اسمه ونسبه:

 هو الطالب بوبكر بن أحمد المصطفى بن محمد بن الطالب عبد الله بن محمد بن اند عبد الله بن اعل بن الشيخ بن المحجوب بن محمد الغيث بن محمد الفتح بن عبد الله بن القطب بن محمد الفقيه بن الفقيه بن الفقيه عثمان بن محمد بن يحيى الكامل أول من نزل ولاتة من أجداده ويرجع نسبه لعلي بن أبي طالب ولم يذكر نسبه إلا لمن لا يذكره كخواص بنيه وبالتالي تركوا نسبهم محجوبا واستكفوا بقول الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم فلا نسب أعلى من التقى[2]

2- مولده ونشأته:

 ولد بولاتة سنة 1255 للهجرة وتوفي والده بعد مولده بسنة، فنشأ يتيما[3] في رعاية والدته هو وأخويه، فاعتنت بتربيته وفق التقاليد المتبعة في أسرته.

 3- أسرته وبيئته العلمية:

  بيته بيت صلاح وجلالة وعلم ودين فقد وصف صاحب فتح الشكور أجداده بأنهم علماء أولياء في نسق واحد وظلت ريادة العلم في بيته لأزيد من ثمانين سنة[4]،  فقد كانت أسرته مختصة بتدريس العلم والإفتاء والقضاء مع تدبير الشأن العام للمدينة، والتفرغ لذلك.

2- دراسته و شيوخه:

درس في الكتاب فحفظ القرآن صغيرا ومبادئ العربية، ثم انتقل للدراسة في دار تلاميذ المحاجيب[5] فأخذ العلوم عن مشايخها، مثل اعل اسر وسيد أحمد بن أبي كفه ومحمد عبد الله بن انبوي، بل أخذ عن علماء آخرين خارج دار تلاميذ المحاجيب، مثل الطالب سيد احمد، وسيدي ببكر بن سيد المختار، والطالب بن اباتن وغيرهم من مشاهير علماء المدينة[6] اجتهد في تحصيل العلم دراية ورواية، حتى فتح الله عليه، فأصبح من أكثر علماء الحوض  والساحل شهرة 1890/1900[7] حسب الاستخبارات الفرنسية.

ثانيا: جهوده وإسهاماته العلمية:

 كانت للعلامة الطالب ببكر إسهامات علمية، فقد كان يدرس مختلف العلوم لطالبي العلم ومتصدرا للدروس العامة في المسجد والنوادي العلمية، ومفتيا، إضافة إلى جهوده الكبيرة في مجال التأليف:

أ‌-       التأليف: اشتغل العلامة الطالب ببكر بالتأليف بعد رؤيا رءاها فعبرها بتراجع العلم فقرر الاشتغال بالتأليف فشرح الكتب المعتمدة في منهج المحظرة، وفي التصوف والتاريخ والتراجم والسير:

  1.       فتح الرحمن على الأخضري بن عبد الرحمن: شرح نص الأخضري في العبادات.
  2.       شرح نص المرشد المعين لابن عاشر
  3.       فتح الرب المجيد على ابن أبي زيد (شرح الرسالة)
  4.       فيض الجليل على مختصر خليل
  5.       غاية المرام على تحفة الأحكام
  6.       مفتاح خزانة الأنوار في الصلاة على النبي المختار
  7.       صلاة الفتح والنصر
  8.       الكنز المطلوب في الصلاة على النبي المحبوب
  9.     مفتاح الخير والسعادة في الصلاة على صاحب السيادة
  10. الفتح المبين في ذكر مناقب الشيخ محمد فاضل بن مامين
  11.  تحفة المجيد شرح قصيدة صلاة ربي لليدالي
  12. شرح قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير
  13. منح الرب الغفور في ذ كرما أهمل صاحب فتح الشكور[8]
  14. أجوبة رتبها تلميذه أحمد بن عبد الله البرتلي[9]

ب - التدريس: كان يدرس طلبة العلم، ويوفر لهم الكتب للمطالعة حيث يمتلك أكبر مكتبة مخطوطات في المدينة ورثها عن آبائه فحافظ عليها بل أضاف لها ما تيسر له عبر الشراء كما يشاهد ذلك المطالع لمكتبته[10] وقد تم تصنيف 807 مصنف من مكتبة [11]مخطوطاته حتى الآن ولا يزال الكثير منها لم يصنف بعد.

ج -  تولى بعض الدروس العامة في المسجد كما هي عادة أهل ولاتة حيث درجوا على تقديم دروس الحديث في رواق خاص بالمسجد بعد صلاة الظهر، كما تولى تدريس كتاب الشفاء في نادي قومه (أبناء اعل ولد الشيخ) خلال شهر رمضان[12]وكان يحضر حلقات المديح النبوي في المناسبات التي تقام بها

ثالثا: تصوفه :

كان الطالب ببكر صوفيا من العيار الثقيل، ومما يؤكد ذلك مكانته الصوفية وكان قد أخذ ورد الشاذلي وورد مولاي الطيب وورد عبد القادر الجيلاني والوظيفة الزروقية عن طريق شيخه الطالب سيد احمد الولاتي[13]وكان محبا للصالحين شغوفا بأخبارهم ومناقبهم متأسيا بأعمالهم الصالحة، ولا أدل على ذلك من اعتنائه بمناقبهم، ففي شرحه للرسالة وكذالك شرحه لخليل كان يعقد ترجمة لأحد الأولياء عند ختم كل باب، كما ألف كتابا مستقلا في مناقب شيخ الوقت الشيخ محمد فاضل بن مامينا وغيره من مشاهير الصالحين، واعتنى بتراجم علماء عصره في كتابه منح الرب الغفور، ومن طالع سيرته الذاتية التي تركها لنا في كتابه منح الرب الغفور سيجده عابدا متبتلا يفني وقته في العبادة والتأليف والتدريس وخدمة منافع المسلمين. وقد بين في هذه السيرة الذاتية النادرة مختلف الجوانب التي قد يتساءل عنها القارئ، ولم ينس أن يذكر منزلته في مجتمعه ومحيطة وعلاقاته بالزعامات الدينية وعلية القوم من الأشراف والأشياخ والصالحين والعلماء. وكل ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على أن الرجل كان مهتماً بسمعته وعرضه ويخشى أن يلحق بهما ما قد يشوههما[14].

رابعا: توليه القضاء:

  تولى وظيفة القضاء في ولاتة سنة 1285/1868 بتولية من أهل الحل والعقد بالمدينة وقد ذكر في كتابه منح الرب الغفور قائمة بأسماء جماعة الحل والعقد التي نصبته للقضاء[15] ومعلوم أن الوظائف الدينية في ولاتة كانت محصورة في قبيلة المحاجيب سكان المدينة القدماء مما أثار جدلا علميا بين الرافضين لذلك والمتمسكين به وكان لكل فريق مبرراته العلمية، وقد برر الطالب ببكر ذلك بحيث إن توفرت الشروط المطلوبة للوظيفة الدينية في أحد أفراد قبيلة المحاجيب يقدم على غيره تأسيا بما وقع في التاريخ الإسلامي من اختصاص آل العباس بسقاية البيت الحرام وبني عبد الدار بسدنته  وكذالك تقديم القرشي للولاية في حال توفر شروطها فيه على غيره من عامة المسلمين، [16]ونتيجة لهذا الخلاف وجد الطالب ببكر مضايقة من مشظوف[17] القبيلة المسيطرة وقتذاك على المجال حيث نصبوا قاضيا خاصا بهم هو محمد يحيى الولاتي، وقد واصل الطالب ببكر ممارسة مهامه كقاض لولاتة حتى دخل الاستعمار ولاتة فعزل نفسه طواعية عن القضاء وتورعا وتأففا من العمل تحت إمرة المستعمر.

خامسا: تدبيره للشأن العام :

  تولى الطالب ببكر رئاسة مجلس الحل والعقد للمدينة فور توليه للقضاء ومعلوم أن  مدينة ولاتة يتم تسييرها بنظام جماعة الحل والعقد فلكل حي مسؤول  يمثله في مجلس أعيان المدينة الذي يتم  فيه الحل والعقد مما يعطي لكل حي نصيبه من الوظائف الزمنية، ويجتمع ممثلو الأحياء في جمعية عامة يترأسها مسئول الحي الغربي (حي المحاجيب) ويصدر المجلس القرارات المصيرية، وهي ملزمة  للجميع[18] وعادة ما يكون هو القاضي وهكذا وجد الطالب ببكر نفسه مسؤولا عن تسيير الحياة اليومية في مدينة ولاته وخارجها وكان يوثق كل شيء، الأمانات والتركات، وزمام الرفاق، والخصومات، والعقود، والوفيات، والكوارث، والأحداث المهمة.... ويتعامل مع الأحداث والتحديات الأمنية، الأمر الذي ألزمه بإقامة علاقات ودية بجميع الزعامات السياسية والقبلية في منطقة الحوض، وقد واجهته تحديات كثيرة في حياته سواء بسبب دوره الريادي في مدينة ولاته حيث كان معنياً بجميع النزاعات والغارات التي تتعرض لها المدينة من حين لآخر، ومواجهتها والتغلب على آثارها وبنظيم المداراة[19] وغالباً ما يسافر طلباً لدفع شر أو استرجاع حق لأهل ولاته[20] فقد سافر مرات عدة طلبا للعافية من بعض المجموعات، أو لاسترداد مسلوب من تجارة أو ماشية لأهل ولاتة ، أو لحل معضلة، بين أهل ولاتة أو بينهم والمجموعات الأخرى، وقد وصف رحلاته في كتابه منح الرب الغفور وصفا دقيقا وطريفا يعرض فيه للتفاصيل الجزئية للرحلة[21] هذا مع أعباء تدبير أسرته وأسرة أخيه الأكبر محمد الذي توفي وهو شاب.

سادسا: موقفه من الاستعمار:

  خضعت ولاتة للاستعمار سنة 1912، فجاسوا خلال الديار وعاثوا فسادا في المدينة وخربوا حيا كاملا من أحيائها حيث استولوا عليه عنوة وطردوا ساكنته، إلا أنهم لوحوا لأهل المدينة بحمايتهم من النهب المنظم الذي طالما تعرضوا له من طرف أعراب الشمال والوسط الموريتاني، وتأمين الطرق التجارية وهذا ما كان يرهق كاهل أهل المدينة ويكلفهم الكثير من المداراة والخسائر المتكررة لكن أن الطالب ببكر لم يرتح رغم ذلك لوجود المستعمر وقرر الهجرة إلى بلاد الله الواسعة التي لا سلطان فيها لكافر وحاول الاتصال بمحمد الأمين بن زيني القلقمي القظفي طريقة لترتيب هجرته نحو المشرق الإسلامي إلا أن المرض أقعده فقد أصيب بالفالج، وقد أثنى في كتابه منح الرب الغفور على محمد الأمين بن زيني وتلامذته واصفا عملهم "هذا هو الصراط المستقيم أدام الله ذلك لهم وحفظهم  ورعاهم "، وربما كان الطالب ببكر هو حلقة التنسيق التي تشير إليها الوثائق الفرنسية [22] والذي تنظم وتنسق الأعمال المناهضة للاستعمار انطلاقا من ولاتة خاصة أنه استقبل أحد أبناء الشيخ ماء العينين موفدا إليه [23] من طرفه فاستضافه وأكرم نزله ووصفه بالصلاح والاستقامة وعلو الهمة، وزوده بما يحتاجه[24].

سابعا: مناقبه:

        كان رحمه الله مداوما على الطهارة، لم يتيمم لفريضة في حياته، ولم تفته صلاة الجماعة أبدا في المسجد إلا إذا كان مسافرا، ولم يفطر في رمضان سهوا أو عمدا، وكان يعتكف طيلة شهر رمضان لا يخرج إلا يوم الفطر، وفي عام (بق الما )[25] سقط المسجد وهو معتكف فيه ولم يبق منه ركن قائم ولكنه لم يصب بأذى ولم تبتل ثيابه ولم تنقطع عبادته وكان كثير الصيام مداوما للقيام معمرا للمسجد بالنوافل، له أوراد كثيرة لا يفتر عنها صلاة وتسبيحا وذكرا [26]، عملا بالأثر "أفضل العبادة أدومها"،وكان يتولى بنفسه تجهيز الموتى، ويبادر لإغاثة الملهوف، وإعانة الفقير، وكان محبوبا عند العامة والخاصة في البلدة وفي محيطها القريب والبعيد، وكان محل اعتبار وتقدير من علية مجتمع منطقته، وعامتهم، مشهودا له بالعدل في الإقليم كله[27].

 ثامنا: وفاته، ذريته، رثاؤه

  توفي رحمه الله سنة 1335 للهجرة الموافق 1917 ميلادية عن عمر يناهز الثمانين، وخلف ولدين وبنتين، هما محمد بوي وعبد الرحمن، و امِّينَحْمَدْ وامباب، وقد خلفه ابنه محمد بوي في رئاسة مجلس الحل والعقد بعد وفاته وكان شابا متعلما إلا أن رئاسته لهذا المجلس لم تتعد سنوات حيث خلعه المستعمر، واستبدله بغيره.

أما ابنه عبد الرحمن [28] فكان من كبار تجار غرب إفريقية وكانت له سمعة حسنة في كامل المنطقة...

وقد رثاه من بين من رثاه باب الجنة بقصيدة عثرنا عليها بخط المرحوم ابَّ ولد انَّ نوردها في ما يلي وبتوقيع ناسخها رحم الله الجميع:

حق الصراخ علينا دائما أبدا

 

وحق أيضا علينا النوح إعلانا

لما فجعنا بهذا الندب سيدنا

 

من في الصبا قد بنى للمجد بنيانا

وفقده صار كَلْمًا في الفؤاد وما

 

يزال يؤلمه ما عاش أزمانا

من ساس في صغر كهول قريتنا

 

وسَاس شيبا وشبانا وغلمانا

في المهد ساس لكل القاطنين به

 

صبرًا وحِلْمًا وإسلاما وإيمانا

ذا ك الهمام أبو بكر الذي حُمِدَتْ
 

 

في الله سيرته وفضلُه بانا

وحاز أشْرَفَهُ طرًّا وأكملَهُ

 

عن غيره وله قد شاد إيوانا

من للخطوب إذا حلت بساحتنا

 

من للفؤاد ومن لصُرْب حسَّانا

يُشَيِّع الكلَِّ يمشي راضيِين على

 

كل الجماعة لا يؤذون إنسانا

من للصلاة على خير الأنام ومن

 

لابن السبيل إذا ما جاء عريانا

من للمساجد من  للمرضَى من بعده

 

يكن لنا ولهمْ، أَللهُ مولانا

لا تأسفوا واصبروا والله يجزيكم

 

فالصبر أحسن في الدنيا وأخرانا

الله يرحمنا ربي ويرحمه

 

ويجعل الخلد مثواه ومثوانا

على النبي صلاة الله ما طلعت

 

شمس  وما قد دعا عنقا لورشانا

 

------------------------------------------------
  1.   قبيلة عربية قرشية الأصول  أول من عمر المدينة من المسلمين
  2.   منح الرب الغفور (مخطوط)
  3.   ولاتة من الحاضر إلى الماضي ص:65، منح الرب الغفور (مخطوط)
  4.   فتح الشكور ص: 161
  5.   دار التلاميذ شبه جامعة لأن التعليم العالي يتم فيها وكان في كل حي من أحياء ولاتة دار للتلاميذ
  6.   منح الرب الغفور (مخطوط)
  7.   القبائل البيضانية في الحوض والساحل ص: 224
  8.   منح الرب الغفور (مخطوط) ، ولاتة من الحاضر إلى الماضي  ص:85 ، المنارة والرباط  ص:755 
  9.   المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوي ونوازل واحكام غرب وجنوب الصحراء ص ص:24،25
  10.   منح الرب الغفور دراسة وتحقيق محمد الامين بن حمادي  بحث لنيل الدكتوراه  إصدار المدرسة العليا للأساتذة والباحثين  اليون فرنسا2011 ص ص : 19 ، 20، 21
  11.   قاعدة معلومات المعهد الموريتاني للبحث العلمي (رقمية)
  12.   ولاتة من الحاضر إلى الماضي  ص:45 ،  
  13.    منح الرب الغفور (مخطوط)، الطالب سد احمد بن الطالب الأمين بن الطالب لحبيب الحرشي الولاتي عالم جليل بيته بيت علم وصلاح
  14.   منح الرب الغفور دراسة وتحقيق محمد الأمين بن حمادي  بحث لنيل الدكتوراه  إصدار المدرسة العليا للأساتذة والباحثين  اليون فرنسا2011 ص ص : 19 ، 20، 21
  15.   المدينة في مجتمع البداوة : التاريخ الاجتماعي لولاتة ص: 42 ، منح الرب الغفور (مخطوط)
  16.   نفس المراجع السابقة
  17.   القبائل البيضانية في الحوض والساحل ص: 224 ، المدينة في مجتمع البداوة : التاريخ الاجتماعي لولاتة ص: 42
  18.   ولاته ملتقى الثقافات بين الغرب الإسلامي والسودان   في الفترة  مابين 1204- 1912 للميلاد (محاضرة مئوية الولاتي)
  19.   منح الرب الغفور (مخطوط)، القبائل البيضانية في الحوض والساحل ص: 224ف
  20.   منح الرب الغفور دراسة وتحقيق محمد الامين بن حمادي  بحث لنيل الدكتوراه  إصدار المدرسة العليا للأساتذة والباحثين  اليون فرنسا2011 ص ص : 19 ، 20، 21
  21.   المرجع السابق
  22.   محاضرة محمد الأمين بن حمادي بأعمال ندوة مئوية ولاتي
  23.   منح الرب الغفور (مخطوط)
  24.   الفتح المبين في ذكر مناقب الشيخ محمد فاضل بن مامين (مخطوط)
  25.   ولاتة من الحاضر إلى الماضي كان ذلك سنة 1335 هجرية ومعنى بق الما كثرة الأمطا بكأن السماء انبكت
  26.   منح الرب الغفور (مخطوط)،
  27.   القبائل البيضانية في الحوض والساحل ص: 224
  28.   القبائل البيضانية في الحوض والساحل ص: 224

  المراجع:

1.    الطالب ببكر بن أحمد المصطفى:  منح الرب الغفور (مخطوط)

2.    سيداتي ولد بابيه: ولاتة من الحاضر إلى الماضي

3.    ابول مارتي: القبائل البيضانية في الحوض والساحل ترجمة محمد محمود ولد ودادي

4.    محمد الأغظف ولد الداه، ومحمد البشير ولد حمادي : ولاته ملتقى الثقافات بين الغرب الإسلامي والسودان  في الفترة  مابين 1204- 1912 للميلاد (محاضرة  ضمن أعمال ندوة مئوية محمد يحيى الولاتي)

5.    محمد الأمين بن حمادي: دراسة وتحقيق منح الرب الغفور بحث لنيل الدكتوراه  إصدار المدرسة العليا للأساتذة والباحثين  اليون فرنسا2011

6.    محمد الأمين بن حمادي:  موقف محمد يحيى الولاتي من الاستعمار (محاضرة بأعمال ندوة مئوية ولاتي

7.    الطالب ببكر بن احمد المصطفى : الفتح المبين في ذكر مناقب الشيخ محمد فاضل بن مامين (مخطوط)

8.    بوبريك رحال: المدينة في مجتمع البداوة : التاريخ الاجتماعي لولاتة

9.    الخليل النحوي: المنارة والرباط 

10. يحيى بن البرا: المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوي ونوازل واحكام غرب وجنوب الصحراء    

11. المختار بن حامدو: حياة موريتانيا الثقافية

  12. قاعدة معلومات المعهد الموريتاني للبحث العلمي (رقمية)

 

 


ولد انَّ في ولاته حوالي 1882م  وفيها نشأ وتربى، حفظ القرآن في صغره ثم بدأ  في دراسة العلوم  من توحيد وفقه ونحو ولغة وبيان...

من أشياخه عمه الطالب ببكر ومحمد الأمين بن عبد الله اليونسي، وربما يكون درس على الفقيه محمد يحيى الولاتي.

ومن أشياخه أيضا بعد أن أسَنَّ خليله الشيخ سيدي محمد بن عابدين الكنتي راجع عليه سفر خليل بعد الشيخوخة، وكان يحفظه ويقرأه  كل ليلة عن ظهر قلب جهرا. وقد اعترض عليه صباري بن سيدي عثمان معاصره وصديقه قائلا له: لمَ يكتب سفر خليل في هذه السن وهو قد كتبه عدة مرات، فرد عليه انَّ قائلا: إن العبادات لا تترك لقراءة الصبوة..

كان رحمه الله عالما زاهدا في الدنيا  كثير النسك وملازمة المسجد، تولى إمامة الصلاة مدة طويلة في ولاتة. ولما تنازل عنها لدواع شخصية طلبت منه جماعة المسجد أن يشير عليها بمن يخلفه، فأشار عليهم بمحمد جد بن محمد عبد الله، فقيل له  ما اخترته إلا لأنه ابن شيخك فهو كثير التدخين وأنت شديد الكره له. فرد عليهم ما كنت أعرف أن التدخين من موانع الإمامة ثم سرد لهم:

شرط الإمام ذكر مكـــلف              آت بالأركان وحكما يعرف

وهذا الشرط متوفر في من اخترته لكم.

كان إلى جانب علمه وورعه شاعرا مجيدا لكنه كان مقلا، كما أخبرني ابنه ابَّ بن انَّ الذي قال لي بأن صديق والده العلامة الأديب أحمد بن سيد عثمان وصفه له بتلك الألفاظ..

ومن شعره قصيدة  قالها في المناسبة التالية: أصاب مدينة ولاتة سنوات جفاف قضت على ما كان عند عائلته من بقرات ومن قطيع غنم، فأشارت عليه جماعة المسجد، أنه، إن كان لا يحبذ مباشرة الناس بحوائجه، يمكنه أن يعمل بالعادة التي كانت سائدة في ولاتة، وهي تردد المؤذن بين صفوف المصلين في العيدين وهو يقول باللهجة الحسانية " اقْبُورْنَ واقبوركم، الموت اتْزُورْنَ واتْزُورْكُمْ"

وعندما ما يقول هذه العبارة بين صفوف المصلين فلا يكاد يبقى من يستطيع من المصلين أن يتبرع بشيء من نقود وعروض إلا وتقدم به، فيجمع المؤذن ما حصل فيحمله إلى دار الإمام فيسهمه منه ويحتفظ بالبقية..وألحت عليه الجماعة بأن هذه العادة لا غضاضة فيها ولا تعتبر سؤالا فأجابهم بأنه سوف ينظر في الأمر، وجاء رده عليهم بالقصيدة التالية:

يا من لكم قبل الإله تقرب          وإليـــــكمُ كل المكارم تُنسب

ولكم مزايا جمة ونزيلكم          أُمٌّ له أنـــــــتم نَعَمْ وله أبٌ

ولكمْ إلى بذل  النَوال تشوقٌ     وبه حياةُ نفوسكم والمكسب

قد رمتمُ مني ارتياد عطائكم    قبل الصلاة وذا لديكمْ أصوب

والحال يأبى غيره ويحضكم    أَن كان للأسلاف فيه تمذهب

وهو الشعار شعاركم ورضاكمُ  في فعله، وإلى رضاكم أرغب

هذا ولا أدع السؤال حشاكمُ     أَنْ ســـــــاء ظني أنه سيخيب

لكن نفسي لم ترده وأنشدت     بيتا به الأمثال قدما تضرب:

لا تسألنَّ ابنَ آدم حاجـــــةً      وسلِ الذي أبـــوابه لا تُحجب

...لقد كان رحمه الله تلميذا مخلصا مقدرا لشيخه أحمد حماه الله، ولا يكاد يتخلف عن زيارته في كل سنة مسافرا من ولاتة إلى "انْيُورْ" في "مالي" مقر الشيخ. وقد تعطل في إحدى السنوات عن الذهاب فقال قصيدة نتأسف على أننا لا يحضرنا منها إلا بيت واحد هو مطلعها وشطر منها:

مولاي لما قضى ربي بإحجام  عن الزيارة لما زار أقوامي

.........................           فها أنا زائر بخـــط أقلامي

ويظن ابَّ بن انَّ، أن لوالده رحمهما الله نظما في ورد التيجانية. توفي رحمه الله سنة 1942 في ولاتة.

نقلا عن كتاب "ولاتة من الحاضر إلى الماضي"  (مرقون) ص 51-52 سداتي بن بابيه

/