من نشاطات المركز: مئوية الولاتي

بمناسبة زيارة قمت بها لمقبرة الرياض حيث والدي الفقيه ولد سيدي محمد وشقيقاه المرواني واب ( محمد المختار) والعلامة اب ولد ان رحمهم الله رحمة واسعة، أنشدت هذه المقطوعة:

مربَّعٌ من رياض الخلد منتخبُ

آخَاهُم الدين والأخلاق والنسبُ

ما كان أقصر أياما سخَت بهمُ

وهي الطويلة إن بالفضل تُحتسب

هذا الفقيه وذا المروان، بعدهما

المختارُ وابَّ، عن الخنى قد احتجبوا

تقاسموا الود والإحسان مذ نشؤوا

لم يغرهم زخرف الدنيا ولا الرتب

في الله عاشوا  أحبة وما عدلوا

عن السبيل  وما زاغوا وما نكبوا

بنوا من البر والإحسان مدرسة

أركانها الفقه والقرآن، لا النشب

يارب أغدق عليهم من نعيمك و

الرضوان والرحمات كل ما طلبوا

واحفظ لنا بركاتهم بفضلك أن

كنا بنيهم وما يجدي لنا النسب

حسني الفقيه

نواكشوط 01 ابريل 2018

 

أنشأت تعليقا على صورة نشرت مؤخرا للعلامة اب ولد شيخنا محمدي رحمهما الله هذه المقطوعة (توفي اب ولد شيخنا محمدي رحمه الله سنة 1989م بمدينة ولاتة) :
بهية والله ذي الطلعةُ+++تحفها من ربنا الرحمةُ
فشيخنا وخالنا أمــةُ+++ بــــمثله تفتخر الأمــــة
بعلمه وسمته قدوة ++++وفي الصلاح والتقى حجة
المال والعلوم والحكمة ++ بعضُ فيوضه، ولا منة
تحلقت من حوله الفتيةُ +++من قومه، ومن له همة
تسوقه، لرغبة، هجرة ++لدرسه، تُقْضَى له الرغبة
أخلاقه الإحسان والعفة ++ في الله لا تأخذه لومة
منهجه القرآن والسنة +++ هما له النبراس والحجة
بها تُــــفَتَّح له الجنة +++ جواره المختار والصفوة
ولا تزال منه ذرية ++ منهاجه دوما لها أسوة
صلى على الذي له العصمة++ مولاي من بيده الرحمة

 

حسني الفقيه

نواكشوط 25 مارس 2018

من شعر الإرشاد والتوجيه الديني والاجتماعي هذه القصيدة للوالد الفقيه بن سيدي محمد رحمه الله، يفضح فيها ظاهرة انتشار أدعياء الولاية الذين فتنوا الناس عن العلم والعمل وأوهموهم أن لهم من القدرات الخارقة ما يغني من اتبعهم عن كل ذلك، فانصرف كثير من الجهلة إلى اتباعهم ووقف حياته على خدمتهم باعتبار أن في ذلك صلاح الدنيا والآخرة. وتتناول القصيدة مظاهر أخرى من الأفعال المخالفة للشرع كادعاء معرفة الغيب، واختلاط الجنسين في الرقص، والذبح عند قبور الصالحين...إلخ، ويبدو من آخر النص أنه جاء تقريظا لنص آخر في الموضوع لم نطلع عليه حتى الآن:

ألا إن دعوى الزائغين انتظامهم +++ بمن وُسموا أهل التصوف في القولِ

تكذبهـــــم فيها الشــريعة إذ هــمُ +++ على الضد من أهل التصوف بالفعل

فما الشرع أن يبقى المكلف جاهلا+++ بأحكامه في الفرض فضلا عن النفل

ويعتاض من علم الفرائض رعيه +++ سوائم شيخ في الجبال وفي السهل

وليس من الشرع التطلع دائما +++ على الغيب في مثل الحراثة والنسل

ليعظم في عين الضعاف عقولهم +++ فيسلبهم الأموال بالكذب والختل

أما علموا أن الغيوب تسترت +++ فلم يدرها غير الكرام من الرسل

ويُمنحها غير الرسول كرامة +++ بغير تحد وادعاء مع الـــــجهل

ومن يدعي علم الغيوب تحتما +++ فقد صادم القرآن بالرد والعزل

وليس من الشرع السؤال تكثرا +++ من اهل القرى أومن كريم ومن نذل

ومن شرطها الإيمان بالله والتقى +++ كما نُصَّ في الذكر المحكم ذي الفصل

وما الشرع هجر الماء في الطهر دائما+++ فيترك عمدا للتيمم في الوبل

وما الشرع رقصا للرجال مع النسا+++ مع العري والجس الحرام بلا خجل

وما الشرع ترك الصوم من أجل دعوة +++ على الصائم المسطاع في المال والأصل

ويعتقد الصوم المصحِّح مهلكا +++ بدعـــوة إثم لا تُمِرُّ ولا تُحلي

وما الشرع تسخير الوُليد عن امه +++ لرعي مواش في الفلاة بلا جُعل

وأفضل خلق الله قد ردَّ غازيا +++ لأجل حياة الوالدين بلا مهل

وما الشرع جعل القبر كالرب نافعا +++ بخلق قضاء الحاج كالغيث في المحل

فإن قبور الصالحين مفادها +++ قبول دعاء الزائرين بلا ميل

تذكر أهوال القيامة زائرا +++ يفكر في العقبى ويخشى من العدل

وهم برءا ممن يخالف منهج +++الشريعة في التعظيم بالقصد والفعل

ومن زاد في وقت الزيارة نحره +++ جزورا على قبر المزار....

فقد شابه الكفار في الذبح عامدا+++لأصنامهم أجل التقرب والميل

وحسبك من اثم مضاهاة كافر +++ بطاعته الأوثان للزيغ والخبل

فإن قال إني للتقرب قاصد +++ أجبه بأن الذبح يكفيه في الرحل

فلم بيق إلا أن يصح تصوف++++ بغير اتباع للشريعة في الفعل

ومن دونه خرط القتاد فإنه +++ مخالفها خدن الفضيحة والخزل

سيعلم غب الزيغ من هو زائغ+++ بيومٍ ينادىَ من بعيد بلا مهل

فلا غرو أن أبدى النصيحة مثلكم +++ ففرع الهدى يبديه للناس كالأصل

فحقق فيك الفال بالإسم ربنا +++بطول حياة في الرخاء مع الأهل

صلاة وتسليم من الله دائما+++ على خير خلق الله والختم للرسل

وصلى على الهادي المهيمن دائما+++ وسلم ما أبدى الصواب أخو فضل

 
 
J’aime
J’aime
J’adore
Haha
 

نور النبي المصطفى المختار
في كل عصـر ظاهر في درة
وله على الشيخ التراد تلألؤ
علم الشــريعة والحقيقة  دأبه
والفقه مالكه وحافظ عصـره،
جمع الحقيقة والشــريعة متقنا
إذ كان شيخا للأنام مجددا
 وابن المشايخ من أبيه وأمه
بالفضل يدعى والفضائل خلقه
من أين، أنى، كيف يجحد فضله
فكفاهم شرفا وفضلا أنهم
ولهم به نسب صحيح ثابت
وشهادة الأقطاب والأوتاد والــــ
سيماهم أقوى دليل أنهم
والطاعنون الشانؤون فحسبهم
لا عيب فيهم غير أن فيوضهم
ووجوهم وأكفهم مبسوطة

وجفانهم وحياضهم مملوؤة


سارٍ بــسـر هداه في الأبرار
هي مركز الأفلاك والأدوار
وتنزلُ من عالم الأسرار
والذكر نافعه الإمام القاري
وكأنما هو مسلم وبخاري
بمشارب الأرواح باستبصار
بالعلم والأنوار والأذكار
كهف الضعيف ومستجير الجار
كسمـــيه إرثا بســــر ســــار
أو فضل آل الطالب المختار
خلفاء خير الخلق في الأقطار
بنقــــول أربعة من الأحبار
أبـــــدال والنقباء والأخــيار
شرفاء أنسابا ذوو أسرار
إثما سباب مشايخ الأمصار
وفتوحهم تهمي بفتح الباري
معهودة للبذل والزوار
معهودة للطارق الممتار


مساهمة منه في حفظ التراث الثقافي لمدينة ولاتة اتاريخية، وانتشاله من الضياع الذي يتهدده، يعلن مركز البحوث والدراسات الولاتية عن فتح الباب للمشاركة في مشروع موسوعة الشعر الولاتي.

ويطلب المركز من كل المهتمين بهذا المشروع الميمون من الولاتيين وغيرهم تقديم العون في هذا الإطار على النحو التالي:

ــ أن يقوم كل مهتم بإرسال نص شعري ولاتي مصحح قدر الإمكان، مع التعريف في فقرتين أو فقرتين على الأكثر بصاحب النص ومناسبته، على بريد المركز:

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ــ يقوم المركز بمراجعة النص وإضافته إلى ملف الموسوعة، وإبلاغ المرسل بتطور استخدام نصه.

ــ بعد ّإبلاغ المرسل بأن نصه قد ضم ّإلى مدونة الموسوعة، يطلب منه إرسال نص جديد يتعامل معه وفق ذات المنهج.

ـ حين يبلغ عدد أبيات النصوص المرسلة ألف بيت، نسميها الألفية الأولى ونعمل على تمحيصها وتحقيقها تمهيدا لطباعتها...

ــ ثم نبدأ بجمع النصوص  للألفية الثانية، وهلم جرا، إلى أن يتم إنجاز الموسوعة...

ءاذنتنا نار الهوى بالخلود

حين أسماء ءاذنت بالصدود

كلما رمت عن هواها اصطبارا

عاودت نار هجرها بوقود

وإذا رمت جحد حق هواها

أثبتته من أدمعي بشهود

هي أسما التي بسر سماها

لم يزل قائما نظام الوجود

كل حسن في غيرها هو منها

مستعار لمائسات القدود

من لصب  نار الهوى بحشاه

كل يوم تقول هل من مزيد

مولع بالوصول من ذي المزايا

لا بوصل من داميات الخدود

رفع الله ذكرها وسماها

إذ بها قد عبرت عن مقصودي

فهو البرزخ الذي كل ضاح

في ظليل  من ظله الممدود

حجة الله في الوجود جميعا

أحمد البر ذو التقى والجود

منبع العارفين منه، ومنه

كلهم شارب بكأس شهود

فاتح مغلق الولاية حقا

وبها فاتح  بغير جنود

ءاخذ من قود العلى بالنواصي

عابرا أرضه بتلك القود

عاطفا جملة المزيد عليه

باشتراك في وصله للمريد

تابع للنبي في كل حال،

من هداه بالنعت  والتوكيد

وإذا لم يساعد الفكر جسمي

من مجيئ  "فاسا" و"أرض الجريد"

فإليها أهفو وأهدي سلاما

لم يزل بالإجلال ذا تجديد

إن أرضا بها ضريح التجاني

لهي الشام  والشفا للعميد

فسنا وجهه طربت إليه

لا لسمط من لؤلؤ معقود

لا ولا بانبلاج صبح ثغور

في دياج  من القرون السود

واضع السر في الذي قد حماه

ربه، البحرِ الزاخرِ المورود

ولقد أحسن الذين بموت

أبدلوه بالتابع المقصود

عمر الله بلدة هو فيها

وكساها بكل زهر مجود

يا أبا الأولياء أحمد شيخي

وشفا غلتي أوان ورود

لا تكلني إلى سواك فإني

ءاخذ منكم بأقوى العهود

فأبي منكمُ، ومنكم أبوه

وكذاكم  أمي وكل الجدود

وبكم أرتجي الأمان حياتي

ومماتي ويوم بعث الوفود

وبكم أرتجي صلاح دنانا

وصلاح الأخرى وقفو الحدود

من سواكم مشفع  في عبيد

غرقوا في بحر الهوى المعبود

درة المدح زفها  غائص في

مجمع البحرين التجاني الفريد

إنكم أغنياء عنها ولكن

أنتمُ أهل للثنا المعهود

أنتم ملجا للضعيف وكهف

مانع للجاني وللمطرود

وصلاة الله ختام مديحي

وسلام على النبي المحمود

...على بعد حوالي مائة كم شمال شرق مدينة جنيف، تقع مدينة " نوشاتيل" أو "القصر الجديد" على الضفة الجنوبية للبحيرة التي تحمل اسمها.

وقد توجه إليها من جنيف أحد الزوار فجر الجمعة 6 نوفمبر الجاري،  وأمضى فيها ساعتين، بعد رحلة في القطار مريحة تمتع خلالها بطبيعة خلابة ساحرة بسهولها وجبالها الخضراء الجميلة...

والغاية كانت زيارة متحف المدينة الأتنوغرافي الذي جمع فيه الصحفي والباحث اللامع " جابيز" أشياء وصورا جميلة من بعض المدن الموريتانية، تتراوح تواريخها ما بين  سنوات  59،60،75...

وقد كان ما كان من أثر الطريق إلى "نوشاتيل" الرائعة، وأثر محتويات المتحف الجميلة وما فيها من عناصر هامة  من تراثنا الحديث...فولدت هذه المقطوعة:

إذا احتضن المجال فتى الرمال

يظلــله الغـــمام من الجــــبال

يسوق قطاره نحو القــــــــلاع

 المنيعـة بالأصالة والجــمال

تسابقه وتحرسه جـــــــــــــنان 

 على الجنبات تعــبق بالخيال

وأشجار مصــــــففة تـــؤدي

إليه سلام وُدٍّ من "نوشَتَـــالِ"

رويدك فالزمان هنا تحــــدَّى 

الزمان، طواه  مدى المجــال

لعل القوم يوما قد أنـــــــاخوا 

انتجاعا هاهنا  بعد ارتحـــال

فذي تُحفٌ لنا ألِفَتْ حــــــــياةَ

المتاحف، فاستقرت لا تبــالي

وذي أشياؤنا تضـــفي جمالا

على "القصر الجديد" بلا انتحال

و"بوتلميت" في الجدران تحكي

معاني المجد من أرض الرجال

وذي "والات" تنثر من كنوز 

الصحارى والنفائس كلَّ غال

وذي صور من الأهلين محفو

  ظةٌ  بين الرفوف على دلال

وإن ساءلتُها من أين جاءت؟

وكيف؟ أجاب "جابيسٌ" سؤالي:

بنو الإنسان  إخواني  جميعا

بلا مـــيْزٍ، أنا لهمُ مُــــــــوال

أحــــــبهم، وإن شطَّتْ ديـــارٌ   

أضاعف حبهم دون اعتدال

وهذا المتحف المعمور قلبي

به  كل الشعوب  على اختزال

فسبحان الذي يهدي إلى الخيــ

ر من قد شا  ويهدي للضلال

ومن قد كرَّم الإنسان أنـــــــــى

يكون مجردا  في كل حـــــال

دالية الولاتي بين إسداء الثناء وإحكام البناء

(ملاحظات في مستويات البلاغة والإبلاغ)

بقلم الدكتور: محمذن بن أحمد بن المحبوبي

نود في هذه الخاطرة أن نعرض ولو يسيرا لقصيدة نادرة بلغت علمنا حديثا ونالتها أناملنا مؤخرا بفضل الله أولا، ثم بجهود زميلنا الأستاذ الفاضل حسني بن الفقيه الذي أمدنا مشكورا بنسخة مخطوطة من هذه المدحة المتميزة، فهي بالنسبة إلينا درة نحر وتحفة عصر.

وهذه القصيدة دالية متوسطة الطول تقع في عشرين من الأبيات وتنتظم في بحر الكامل، وتستوعب جانبا مهما من العلاقات الثقافية والسياسية التي ربطت مدينة "ولاته" بمنطقة فوته ودولتها.

وقد تحدث الولاتي ضمن هذا النص الشعري عن سعي الإمام المجاهد أحمد بن عمر الفوتي إلى مواصلة جهود والده في إرساء دعائم تلك الدولة.

وقد توطدت صلة الفقيه الولاتي بهذا الرجل فامتدحه بهذه الرائعة التي استعرضت في تضاعيفها وصفا دقيقا لجهاد هذا الرجل وجهوده، وذلك ما يمكن نستشفه خلال محاورتنا لهذه القصيدة انطلاقا من ثلاثة مستويات نوضحها تباعا فيما يأتي:

أ- ملمح إسداء الثناء:

ونقصد به الجانب المتعلق بمضمون هذا النص الذي ورد تنويها بهذا المجاهد، فتتبع جهوده في الفتح والجهاد، وسعيه إلى نشر المعارف والعلوم، وأثره البالغ في إشاعة العدل والقسط، ومنزلته المتميزة في الذب عن السنة ونصرة الدين، كل ذلك مع ما امتاز به من اليمن والسعد والقوة والبأس، وذلك ما ألمحت إليه القصيدة في مستوياتها المختلفة على نحو ما سيتضح في هذه السطور.

1- الاتصاف باليمن والسعد:

وذلك ما عبر عنه مطلع القصيدة تعبيرا واضحا، حيث وصف الممدوح باليمن والسعد في أسلوب بلاغي لطيف يعتمد الطباق بين اليمن والعدل والسعد والهلاك([1]).

ويركن إلى التصريع البديع الذي أكسب فاتحة النص كثيرا من التناغم والانسجام، فأحمد هذا مبارك ميمون يسعد الزمان بعهده ويفرح لطلعته، ويندم المقصر على أن تفوته صحبته حسب تعبير الولاتي، يقول([2]):

سعد الزمان بيمن طَلْعَةِ أحْمَد

 

وبعَدْله هلك البغاة ذوو الْيَد

ندِمَتْ بنو ماص الطغاة على الذي

 

قد فاتهم من فضل هذا السيد

ندموا عليه ولات ساعة مندم

 

إلا لعل وليت أو عضَّ اليد

2- التميز بالقوة والبأس:

وهاتان الصفتان من الصفات التي تلزم لقواد الدول وأرباب السلطة والحكم، لذلك صرح الولاتي في البيت الخامس من النص أن ممدوحه جلد حازم وصارم في قراراته، فقد رأى الحل الأمثل في إعمال القوة ومواجهة الخصم، وذلك ما عبرت عنه الأفعال المسندة إلى هذا الممدوح ضمن هذا المقطع (رأى، فسبى، لم يدع، حتى تركت...).

فلغة هذا المقطع كاشفة عن قوة الرجل وشدة بأسه، وذلك ما أوضحه الولاتي بقوله([3]):

طلبوا قبول التوب منه تخيلا

 

فنهاه نور حجى مضيء مُرْشِد

ورأى سباءهم وقتل رجالهم

 

هو الصوابَ وذاك رأي مسدد

فسبى الذراري والنساء ولم يدع

 

زرعا ولا ضرعا بذاك المشهد

حتى تركت بـ"يكمكور" سراتهم

 

ما بين مقتول وآخر موقد

3- الميل إلى الجهاد والفتح:

لقد أبان النص جانبا من توجهات الممدوح القائمة على نشر الدعوة وتوسيع رقعة الإسلام، فصرح أن مهمة ممدوحه تنحصر في فتح البلاد ومجاهدة الأعداء، وقد طغت على هذا الجانب من النص ألفاظ القاموس الحربي (فسبى الذراري، استؤصلت شفة الرجال، وصلت بقيتهم جحيما، فانقادت...) لذلك عجبوا لأمره واشرأبت نحوه الأعناق، وصار الناس في حيرة من أمره يسأل بعضهم بعضا عن شأن هذا المجاهد الذي أحيا الدين وأمات البدعة، وذلك ما أوضحه النص في الأبيات الآتية([4]):

أمست رقيقات نساؤهم على

 

رغم وملكهم كأن لم يعهد

استؤصلت شفة الرجال فلم يفت

 

إلا شديد لم يمت وكأن قد

وصلت بقيتهم جحيما مسعرا

 

من قبل تصلية الجحيم الموبد

وغدت ديارهم خرابا دثرا

 

مغنى الذئاب العاويات الصيد

فانقادت السودان تحت لوائه

 

والعرب في الأمر المقيم المقعد

يتساءلون وهم حيارى ولَّه

 

هل عندكم نبأ لهذا الصندد

والحال ينشدهم بقول مفصح

 

أودى الضلال وأهله في ملحد

من شاء فليؤمن ومن يك كافرا

 

فليعل في أفق السماء بمصعد

4- السعي إلى نشر المعارف والعلم:

لقد تعرض الولاتي في هذا النص إلى جهود هذا العمري في نشر العلم وإزالة الجهالة، مؤكدا أنه بلغ في ذلك مبلغا عاليا ونال درجة تسمو على منازل النجوم يقول([5]):

فكشفت ظلماء الجهالة عن سنا

 

فوق النجوم على دعائم وطد

5- إشاعة العدل والقسط:

ويفهم من النص أن الرجل أشاع بين الناس العدل وأقام القسط، ويتضح ذلك من وصف الولاتي له بالمصدر "العدل" وفي هذا الوصف ما فيه من المبالغة، فلو أن "العدل" تجسد في شخص لكان ذلك في هذا العمري الذي جرى منه هذا الوصف مجرى الدم والنفس يقول([6]):

يا أيها العدل المسدد هكذا

 

يسعى الملوك لنصر دين محمد

6- نصرة الملة والدين:

تعرض النص في بعض أبياته لهذه المسألة، منبها إلى ما قام به هذا الرجل من جهود جبارة تم خلالها تدارك ما أصاب الملة من اندراس وضياع، فما كان من هذا الرجل إلا أن بادر إلى نصرة الدين فأحيا السنة وأمات البدعة وانتشل العبادة والتقوى من الحضيض، فقد ظهر أمره والشرع مطموس الأعلام، والشرك قد خيم في كل الأنحاء، وذلك ما أوضحته الأبيات الآتية([7]):

وافيت والشرع العزيز دوارس

 

آثاره والشرك واري الأزند

والدين مطموس وأسلحة الهوى

 

مسنونة وذرى التقى في الأوهد

أبقاك مولانا لنصرة دينه

 

وأدام عزك يا كريم المحتد

ب- ملمح إحكام البناء:

وفي هذا المستوى اعتمد الرجل في صياغة نصه عدة آليات لغوية ضمنت له الجودة وقوة البناء وهي في جملتها تقوم على اختيار الألفاظ وقوة السبك، كما تعول كذلك على البلاغة وأساليبها المختلفة من بيان وبديع، وسنكتفي في هذا الملمح بإيراد نماذج يسيرة من توظيف الرجل لعلوم البلاغة في هذا النص.

1- اعتماد الألوان البيانية:

وقد أورد الرجل في نصه منها عدة نماذج شملت التشبيه والاستعارة والكناية، وقد أسهمت جميعا في إكمال جمالية النص، كما أكسبته رونقا وجمالا وأورثته تميزا وإحكاما، وسنسوق بعض أمثلتها فيما يأتي:

- التشبيه:

ومن نماذجه ما نص عليه الولاتي نفسه من تشبيه ضمني ورد في هذا البيت([8]):

طلبوا قبول التوب منه تخيلا

 

فنهاه نور حجى مضيء مُرْشِد

حيث شبه سداد رأيه واتضاح رؤيته بالنور المتألق والمصباح المضيء.

- الكناية:

ومن الكنايات الواردة في هذا النص ما ورد من التعبير عن الندم بعض اليد، وهذا تعبير كنائي متداول فقد ورد في القرآن الكريم، كما ورد في نصوص شعرية أخرى، وما عبر عنه الولاتي بقوله([9]):

ندموا عليه ولات ساعة مندم

 

إلا لعل وليت أو عضَّ اليد

ومن الكنايات كذلك ما ورد من التعبير عن شدة الأمر وقوة المصاب بأن يحار الإنسان في شأنه فيقوم ويقعد دون أن يكون على وعي من ذلك، وهو ما عبر عنه الولاتي بقوله([10]):

فانقادت السودان تحت لوائه

 

والعرب في الأمر المقيم المقعد

- الاستعارة:

ومن الاستعارات الواردة في هذا النص ما أشار إليه الولاتي نفسه خلال شرحه للبيت المتعلق بالتنبيه إلى أن هذا العمري تدارك الدين وهو منطمس الأعلام حيث يقول([11]):

وافيت والشرع العزيز دوارس

 

آثاره والشرك واري الأزند

والدين مطموس وأسلحة الهوى

 

مسنونة وذرى التقى في الأوهد

ففي هذا البيت استعارة مكنية، إذ أسند الأسلحة للهوى، وجعل للتقى ذروة كذلك، وهذه كلها تعابير وردت على سبيل الاستعارة.

2- اعتماد الأصباغ البديعية:

وفي هذا المستوى أورد الرجل في نصه عدة نماذج تشهد لمعرفته بالبديع وتمكنه من توظيفه في النصوص الشعرية، فقد ضمن هذه القصيدة عدة ألوان بديعية نورد منها:

- الطباق:

وقد ورد في مطلع القصيدة، إذ صرح الولاتي أنه ورد في البيت الأول طباق بين اليمن والعدل والسعد والهلاك حيث يقول([12]):

سعد الزمان بيمن طَلْعَةِ أحْمَد

 

وبعَدْله هلك البغاة ذوو الْيَد

- الجناس:

وقد صرح هو نفسه في الهوامش التي وضع على النص أنه أورد جناسا بين الزرع والضرع، كما في البيت الآتي([13]):

فسبى الذراري والنساء ولم يدع

 

زرعا ولا ضرعا بذاك المشهد

فواضح من هذا البيت أنه تم الجناس المتوج بين "زرعا" و"ضرعا".

ومن هذه النماذج كذلك البديعية ما ورد من التصريع في البيت الأول، وهو لون بديعي متداول في مطالع القصائد، وسنة متبعة، وقد تابعها الولاتي في هذا النص حيث استهله بتصريع كامل إذ يقول([14]):

سعد الزمان بيمن طَلْعَةِ أحْمَد

 

وبعَدْله هلك البغاة ذوو الْيَد

ج- ملمح إجلاء الخفاء

ونقصد به تلك التعليقات اليسيرة التي سجلها الرجل على هامش القصيدة، فجاءت بمثابة الطرة، فكأنما هي إجلاء للخفي وتوضيح للملتبس وفك لبعض الرموز وبيان لما في النص من الإحالات الثقافية والتوظيفات البلاغية، والتعليق على النصوص الشعرية وتيسير ألفاظها ببعض التهميشات اليسيرة نهج محظري معروف، ومنهاج تربوي متداول لدى الشناقطة، ومن النماذج التي تتنزل في هذا السياق ما عرف عن الشيخ محمد اليدالي من شرحه لقصيدته صلاة ربي، إذ يسر ألفاظها بكتاب سماه: "المربي على صلاة ربي"، ثم إن النابغة الغلاوي شرح قصيدة اليدالي "إن همي" بكتاب سماه: "غرفة من جم في حل مشكلات إن همي"، وكذلك فعل الشيخ محمد بن حنبل في شرحه للقصيدة التي عارض بها "صلاة ربي"، وشروح الشناقطة وتهميشاتهم على نصوصهم الشعرية كثيرة ومتداولة، وفي هذا السياق تتنزل طرة الولاتي وتهميشه على نصه.

وصفوة القول إن هذا النص يقع على مفترق الطريق بين الأدب والنقد، إذ يعرض لعدد من صفات الممدوح في هذا النص، كما يعلق كذلك على بعض ألفاظه بروح نقدية بلاغية، ولعل من أطرف ما فيه أنه نظم في فترة متقدمة من حياة الرجل، فقد أبدع هذا النص وهو ابن ثلاثين ربيعا، وضمن نصه الكثير من المصطلحات البلاغية التي تدل على أنه ارتبط بهذا العلم في سن مبكرة من حياته، فقد ولع به ممارسة وتنظيرا، لذلك جسده في نصوصه الشعرية، وتناوله ضمن جهوده التعليمية.


ملحق: نص القصيدة

سعد الزمان بيمن طَلْعَةِ أحْمَد

 

وبعَدْله هلك البغاة ذوو الْيَد

ندِمَتْ بنو ماص الطغاة على الذي

 

قد فاتهم من فضل هذا السيد

ندموا عليه ولات ساعة مندم

 

إلا لعل وليت أو عضَّ اليد

طلبوا قبول التوب منه تخيلا

 

فنهاه نور حجى مضيء مُرْشِد

ورأى سباءهم وقتل رجالهم

 

هو الصوابَ وذاك رأي مسدد

فسبى الذراري والنساء ولم يدع

 

زرعا ولا ضرعا بذاك المشهد

حتى تركت بـ"يكمكور" سراتهم

 

ما بين مقتول وآخر موقد

أمست رقيقات نساؤهم على

 

رغم وملكهم كأن لم يعهد

استؤصلت شفة الرجال فلم يفت

 

إلا شديد لم يمت وكأن قد

وصلت بقيتهم جحيما مسعرا

 

من قبل تصلية الجحيم الموبد

وغدت ديارهم خرابا دثرا

 

مغنى الذئاب العاويات الصيد

فانقادت السودان تحت لوائه

 

والعرب في الأمر المقيم المقعد

يتساءلون وهم حيارى ولَّه

 

هل عندكم نبأ لهذا الصندد

والحال ينشدهم بقول مفصح

 

أودى الضلال وأهله في ملحد

من شاء فليؤمن ومن يك كافرا

 

فليعل في أفق السماء بمصعد

وافيت والشرع العزيز دوارس

 

آثاره والشرك واري الأزند

والدين مطموس وأسلحة الهوى

 

مسنونة وذرى التقى في الأوهد

فكشفت ظلماء الجهالة عن سنا

 

فوق النجوم على دعائم وطد

يا أيها العدل المسدد هكذا

 

يسعى الملوك لنصر دين محمد

 أبقاك مولانا لنصرة دينه

 

وأدام عزك يا كريم المحتد



[1] - انظر طرة الولاتي على قصيدته (مخطوط بحوزتنا).

[2] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[3] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[4] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[5] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[6] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[7] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[8] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[9] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[10] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[11] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[12] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[13] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

[14] - نص القصيدة (مخطوط بحوزتنا).

 

أمدتنا بأصل مخطوطة هذه النسخة السيدة الفاضلة لالَّ مريم بنت مولاي إدريس الملقبة مندُو، وهي بخط والدها مولاي إدريس رحمه الله، وذكرت لنا قدر اعتزازه بها وحرصه على أن تبقى محفوظة مصونة.

نص الوثيقة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، أما بعد فيقول أفقر العبيد إلى مولاه الغني به عمن سواه محمد يحيى بن محمد المختار بن الطالب عبد الله، هذه قصيدة نظمت فيها سلسلة نسب بعض آل النبي صلى الله عليه وسلم الشرفاء الأخيار السادة الأبرار، بينت فيها أسماء رجال سلسلة نسبهم الشريف مع أنه أجلَى من الشمس وغنيٌّ عن التعريف، ولكني نظمته تبركا بذكر رجاله وتوسلا به إلى أصله ومآله، فقلت وبالله استعنت وإليه من الحول والقوة تبرأت:

آل النبي الهاشمي المعتمَى
وهم سفينة النجاة مِن غرقْ
جنابهم وحبلهمْ معتصَمُ
ومأمن ومرجعٌ ومعقلُ

لهم سلاسلٌ كمثل الذهبِ
أنوارها مشرقةٌ لا تلتبسْ
قد صححت بسند الثقاتِ
سلاسل منها رواها البررهْ
تداولت سندها أقوامُ
لا سيما سلسلةٌ إلى الولي
نزيل سجْلَمَاسَ مأوى الشرفِ
مِن نسله تفرعت أولادُ
قد صح من فروعه بالمغربِ
نسبهم إذا نُمِي في النسبِ
له عمودٌ مشرق مزهارُ
من البيوت عندنا في المغربِ
بيت الكماة آل عبد الهادي
وها أنا أشرع في تنقيح
أبدأ بالفتى النزيه الحسب
نجل الشريف البطل الضرغام
نجل الكريم الندب أعني أحمدا
نجل الشريف سيِّدي حَمُّ الأبِ
نجل الإمام الفضل عبد المالكِ
وهو إلى السيِّد حمُّ ينسبُ
سلالة الحسن نجل سيدي
مولاي عبد الله من نُمي إلى
نجل الشريف الحسن الهدي الرضَي
سلالة الحسن نجل القاسم
نجل محمد بن مولاي أبي
نجل محمد بن مولاي الحسنْ
نجل أبي محمد ابن الأكرمِ
نجل أبي بكر بن مولاي علي
سليل إسماعيل نجل قاسم
نجل محمد زكي النفس
نجل الإمام البر عبد الله
أعني الإمام الحسن المثنى
من حسنٍ سبط النبي المقتفِي
نور النبي له من اصْليه جُبِي
فاطمة سيدة النساء
يارب بالنبي أصل النسبِ
علي وزوجه وسبطيه ومنْ
والحسن الثاني وعبد اللهِ
بسائر السلسلة المطهرهْ
وسهلنْ لنا سبيلا سابلا
بها نزور المصطفى أصل الهدى
صلى عليه الله ما بدر بدا


أمان الاَرض كالنجوم في السما
والعروة الوثقى لمن بها اعتلقْ
وملجأٌ مكرم معظمُ
لمن إليهمُ لجا و موئلُ
سندها متصل إلى النبِي
عمودها من النبي مقتبسْ
العارفين القادة الأثباتِ
أئمة النقل الهداة الخيرهْ
وحررت طرقها أعلامُ
منسوبة أعني به البرَّ علي
نورُ النبوة بها لا ينطفي
لهم فروع قادة أمجادُ
أهل بيوت شرف مهذبِ
كالبدر بين كوكب وكوكبِ
تمده من النبي أنوار
بيت الشجاعة وكشفِ الكربِ
أهل السماح القادة الأمجادِ
رجال هذا النسب الصحيح
أعني به المهدِي كريم النسبِ
مولاي عبد الله ذي الحسام
نجل عليِّ الحسن الهَدْيِ الندا
سليل عبد الهادي قاضي الأربِ
غيث البلاد وغياث الهالكِ
يعرف بابن الحاج إذْ ما يُعْرَبُ
محمد نجل الشريف الأمجد
محمد نجل علي ذي العُلَى
نجل محمد الكريم المرتضَى
نجل محمد الكريم القاسم
قاسم البر الحُلاحِل الأبي
سليل عبد الله ذي الهدي الحسن
عرفة بن الحسن المعظم
نجل الشريف الحسن المبجل
نجل محمد الكريم الباسم
خليفة الحق الشديد البأس
سليل أصل الشرف الأواه
نورُ النبوءة له تسنى
أفضل خلق الله أصل الشرف
أخي النبي علي وبضعة النبي
طاهرة الآباء والأبناء
وآله الغر الكرام الحسبِ
إليهمُ انتمى على مر الزمنْ
ونجله محمد الأواهِ
يسِّرْ لنا ووالِدينا مغفرهْ
إلى مدينة النبي عاجلا
عين الهدى نور الهدى محمدا
وآله وصحبه أهل الهدى


فقدت مدينة ولاتة ليلة الأحد الموافق 20 أكتوبر 2013 أحد أعيانها وأبنائها البررة هو حسني بن سيدي محمد بن محمد المختار بن محمد يحيى الولاتي. كان الفقيد صواما قوَّامًا وصَّالًا للرحم مشَّاءً إلى المساجد، مداوما على تلاوة القرآن الكريم، منفقا في سبيل الله، لا تلومه في الله لومة لائم رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. وفي هذه المناسبة الأليمة جادت القرائح بالشعر العامي والفصيح، من ذلك:


قال حسني الفقيه:

يا ويــــــــــحَ رَيْبَ الــــــدهر ما أغـــــدرهْ            يختار من بـــستاننا أنضــــــــرَهْ

"حَسْنِي" الفتى الموهوبُ كلَّ المُنى             نال الذي يـــــبغي فما أظـــفرَهْ

بدرٌ إذا لقـــــيتَه، وجْــــــــــــــــــــهُــــــهُ             كاللــؤلؤ المنثور ما أنــــــــــورَهْ

تعلوه فرحتان مِنْ صومِــــــــــــــــــــــــهِ             وقُرْبِه، كم صائمٍ فطَّــــــــــــــرَهْ

واليومَ فرحــــــــــــــــــةُ اللـــــــقا ءاذنتْ             بشراه باليوم الذي حضَّــــــــرهْ

أحــبَّ ربَّـــــــــــــــــــــــــــه، وفي ربِّـــــهِ             فــــكان بالقــــبول ما أجــــدرَهْ

لسانُ صدقٍ، كانَ لا يـــتَّـــــــــــــــــقي              في الحق لومةً، وما أضــــمرَهْ

قد امتطى الدنيا لِمَا بَعـْـــدَهـــــــــــــــا              وحاز من حطامها أطــــــــــهَرَهْ

به يصون عرضه زاهــــــــــــــــــــــــــــدا               قد سابقت يمينُه المــــيسرَهْ

منهاجه القــــــرآن يـــــمشي عـــــلى              هداه سبحان الذي نــــــــــوَّرَهْ

خطاه لا تحصى إلى مسجـــــــــــــــــدٍ              يعتاده، بذكره عمَّــــــــــــــــــرَهْ

فردوسَك الأعلى جــــــــــــــــــوارَ النبِي             يا من لفعل الخير قد يسَّـــــرَهْ

والطُــــــــــــــــــــــــــــفْ بأبناء له ما لهمْ             سواك يا منْ ما يَشَا قدَّرَهْ

قال عبد الله المرواني:

يا ربِّ " حَسْنِ " أتاك اليوم محمودَا

فاجعله عندك في الفردوس مسعودا

قد كنتَ يا " حَسْنِ " عمًّا صالحاً وأباً

يسدي النصيحة تقويما وتسديدا

وكنت روْحا وريحانا لمجلسنا

وكان بيتك للعافين مقصودا

كنتَ الملاذ لذي هم وذي كرب

وغوثَ كل ضريك جاء مهدودا

ما إنْ عرفناك إلا قانتاً ورِعاً

تحيي اللياليَ تكبيرا وتحميدا

مصونَ عرض حليما طيبا نزَهاً

حلوَ الشمائل، بالعلياء معمودا

يا ربّ هيّئْ له الفردوس مرتبَعا

والسدر والطلح مخضودا ومنضودا

وارحم أبيَ وأعمامي فإنهمُ
كانوا أئمة صدق، سادةً صِيدا

قال محفوظ بن سيدي محمد بن سدينا:

توجع حد اموحد
مَشْيَتْ ول اهل ابُّ
فالحڭ ء توجع حد
كامل ڭاع ابْ ڭلبُ
بيهل ماڭط الجهد
دارو ماهو فالزهد
والخلق ء حفظ العهد
ڭالع منهم غبُّ
ياربى ترحم بعد
حسنى ول اهل ابُّ
وامسيكين العريان
طبّْ اعْلَ حسنى كان
يتلڭالو فرحان
وَلْ فيديه إِكَبُّ
والقرآن ء لذان
اعلَ حسنى طَبُّ
فالمساجد عابد
ربُّ لَوَّلْ ڭاعد
صابح فالمساجد
حسنى يذكر ربُّ
واعْلَ حسنى ساجد
طَبُّ واعلَ حُبُّ
والرحمه والغفران
يالمنان افجنان
الفردوس إير شان
ءحوظ امبينَ رَبُّ
يشرب منو رويان
كان ألا من حبُّ
ءتلطف يالله ابْوَلّْ
خلاه ء منت ء كل
حد ابحسنى متعلّْ
لَقْ وابخوه ء صحبُ
واتبارك ولله ألْ
لَ ونى حڭ اب بُ
رَبَّ فالتِلاوه
لولاد ء فالخاوَ
وافحنانو ساوَ
لولاد إيل شبُّ
وامش بالحلاو
وابخوفو من ربُّ
ماخلَّ عداوَ
من مسلم لهل ابُّ{jcomments on}

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما قال فقير مولاه وأسير خطاياه أحمد(1) بن محمد بن أحمد بن محمد بن الماحي بن محمد بن سيدي أحمد يرثي خاتمة المحققين ورئيس المتأدبين جمال الدين المحجوب بن محمد بن الحاج أحمد بن أند عبد الله بن علي بن الشيخ بن المحجوب.(لم نعثرمنها إلا على الأبيات التالية):

أضحى الزمان وركنه متضعضع        يبكي فجيعا خاشعا يتصـــــدع
واه ذليل شمله متشــــــــــــــــعب         إلمام  بارح صرفه يــــــــتوقع
ولت مقهقرة نجوم رشــــــــــــاده         وتطلعت شهب السفاهة تـــلمع
فغدا أشل ولا طبيب لدائـــــــــــــه        أعمى وفي أذنيه وقر مــــودع
خرسان مخروق الخراطم والحشى        خرقا ومن سمك السما لا يرقع
واسود وجه صباحه من بــــــعدما         قد كان أزهر نوره يتشعـــشع
إذ هد صرح العلم منه وشــــــجه          واغتاله بالمرهفات الشــــبدع
ذاك الفتى المحجوب نبراس الهدى         عين العناية الأريحي البــــــلتع
من لا يبارى رفعة وجـــــــــــلالة          مأوى الولاية نجمها المتــطلع
شمس الشريعة روض كل كريمـة        المــــــاجد البر الهمام الأروع

1- هو العالم الفقيه سيد أحمد بن محمد بن أحمد المكنى بأبي كفه... المحجوبي، توفي سنة 1275هـ- 1859م، منح الرب الغفور في ذكر ما أهمل صاحب فتح الشكور، الطالب بوبكر بن أحمد المصطفى المحجوبي الولاتي، إخراج وتعليق د. محمد الأمين بن حمادي، رسالة جامعية، جامعة نواكشوط 1992-1993 ج2 ص 129،