من نشاطات المركز: مئوية الولاتي

الشاعر: محمد الأمين بن لكويري

لله يـحيى الولاتـي الشهم من صدق
شُمٍّ رَقُوا في سماء المجد أي رقي
من ذكره سار في البلدان فوق ذري
علمٍ حباه إيَاه فاتق الرتـق
من راقب الملَّة البيضا وجنبها
ما لم يلق بـبـيـاض الملة  اليقق
من عاش للذود عنـها شاهرا قلما
مدعما بلسـان صارم ذ لق
من ظل يخدم د ين الله لـيـس به
ضعف وحارب أهل الطيش والنزق
من راقب الوضع في حزم فكان لذا
من بعضِ ما حوله يجري أخا قلق
ما راقه نبأ المحــتل حـين غزا
بلادنا وهو للمحتل لم يـــرق
وكان حـيث ظلام الجهل حل جلا
ذاك الظلام بنور منـه مـؤتلق
طاف البلاد لنشر العلم مبتغيا
وجه العلي خالق الإنسان من علق
ولم يكن حلَّ في تطـوافه بلدا
إلا وطاب بريا علـمه الـعبق
وعلمه معه أنَّي ما أتـي انـتظمت
لـديه أهل طلاب العلم في حلق
أصاب حين رأي العلم المشرف ما
قد خط في الصدر لاما خط في الورق
جازي محمد يحيي الله صالحة
وحل من جنة الفردوس في شقق
ود ا م ذ ا القطر يزهو كل آونة
بكل مجتهد جم العلوم تـقي
ندبٍ أقرَّ- وقد غاب الـولاتي-أن
عيب الديار علي من بالديار بقي

 

الشاعر: أوليد الناس ولد الكوري ولد هنون
مــــائــــة خــلــــت ويظل ذ كـرك أخـضـرا           ويــظـــل غـصـنـك بـالـشـمـا ئـل مزهرا
مــا ئـة خـلـت والـعـارفــون بـربـــــــــــــهم           ذ كـــــروك  أيـــــــــــامـا أضأن وأشهرا
يــــا ابـن الــمـغـافـرة الــــكـرام أ رومـــــة           أنـــــت الــــمـــتــوج بـالـمـــآثـر مغـــفرا
مــــازال حــبــرك والــيــــراع كـــــــلاهما           يـــــــســـري عـــلـي جـدب الجـهالة أنهرا
وهــمـا رثا ؤك بــــــــــل مـديـــحك دائـما          يـــا مـــن تــــجــلل بــالــمد ا ئــح مـئزرا
يـا حــافــظـا سـور الـــــــكتـاب وشــــارحا          للــــــقـاصديـــن بـــكـــــل ســـفــر سـورا
ســتظـل ملء  فــــــم الــقصـيـد مـنا قــبـا          فـــاحــت  عـــــــلي الأ يــا م مـسـكا أذفرا
فــلـكم أ طـلـت الــذ كــر فـــي جـنح الدجي          ولــــكم  عــــلـو ت إلـــي الـمحامد مـنبرا
أمــحـمـد يــحـي الـولاتـــي يـــــا أ بــــــــــا         للـــــــــزهـد يـــا حـبـر الـمـدائـن والـقري
الــــيوم تـــزد حـم الـــــحروف بــخــــاطري        وإ خـــــالـــنــي فـــــيمـــا كـتبت مـــقصرا
يـــــا بــحـر مـــختـــلف الـــعـلوم قــصـا ئدي       تــــــقـفـو خـــطــا ك وتـــستــحـث الأبـحرا
هــــــــــن الـقـلائـــد في زمــان عـــاطـــــــل        مـــهــما تـــبـــــــرج واســتـــعا ر الجوهرا
مــــــــــــهلا إمــام الـــواعــظـيـن وشــيــخـهـــم      وعــــمـيـدهم إن طـــال  في الوعظ السري
هــلا ســمـعـت مــد ي الـــقـــريــض مرد دا       مـــائــة خــلــت ويـــظــل ذكـرك أخضرا
                                                                      
                                                             

     شعر:  الشيخ محمد عبد الرحمن ولد الشيخ محمد

 

 تــبــارك مـــن أهدى لـمنطقة الـصحـرا            مــعــا رف بــثـتـهـا مـحـاضـرها الـكـبري

يـــصـد رهــا للـشـرق والـغـرب نـخـبـة          ويــمـــلونـهـا نـظــمـا ويــمـلـونـهـا نـثــــرا

فــيشـربـــها مـرضــي الـقـلوب مـن الـظما        فــتــذهـب عــنـها الــهــم والـغـم والإصــرا

مــتــي أمـطـرت أرض الــقلـوب تـفـتـقت     أزاهــيــرهــا نــورا وأكــمـامــها بـــســــرا

وكــــم عـيـْلـمٍ فـيــنا قــفـا إثــر عـيلــم         يـــــري أن  بــذل الـعـلـم مـن عمل الأخري

كــعـيــلـمنا الــحـبـر الولاتـــي فقيهنا         مـحــمــد يــحـيي خـيــر مــن أنـتـج الـفـكرا

يـــدرس فـــي أســفـا ره ومـقــامـه           من اللـغـة الــفـصـحى وم الــشـرعة  الغــرا

  ويــــكــشف في أبحاثه كل غامــــض           فــــيرجع مياه الــفهـــوم إلي المجــري

ويــــــنقد فيها  كل زيغ وبدعـــة          ونــــوع من التـــأويل رده الاسـتــقرا

فـــــإن يــك أمأي بعد ما حل في الثـــري          فــــآثــــا ره الـــعــظــمــى حياة له أخري

فــــــنستمطر المولي تــــــبارك رحمـــة            عــلي الجــدث الميـــمون دائــــــمة تـــترى

ولازال في أبنائه الغر مـاجــــــــــد              يــخــوض بـحــور الـعلم كـي يخرج الــدرا

ونــــــــــــشكـر مـن قامـــوا علي الندوة التي        تــــمد من الماضي إلي الحاضر الجسرا

 

 

الجلسة الرابعة :  

كانت الجلسة الرابعة مساء يوم السبت 22 ديسمبر 2012 من الساعة الرابعة إلى الواحدة الساعة التاسعة، برئاسة السيد أحمد ولد الوافي الذي استعرض في بدايتها أهمية المحاضرات المبرمجة وما ينتظر من أصحابها من إضاءات في هذه المحطة الأخيرة من الندوة، ليحيل الكلام للمحاضرين تباعا.

المحاضرة الأولى : العلامة محمد يحيى الولاتي رجل الإصلاح والتواصل  ـ منور خميله

حرص المحاضر بداية على تحديد  السمات المميزة لشخصية العلامة محمد يحي الولاتي من خلال ما كتبه وما قيل عنه حول تكوينه وتصرفه في الوقت وتنوع اهتماماته ومتانة مرجعيته الفكرية وامتلاكه فنيات التقييم والنقد البناء، لافتا النظر إلى أنه اجتمعت في شخصه قدرات ومواهب متعددة جعلت منه رجلا جمعا((un homme pluriel  ولدت من حياته حياوات متوازية(des vies parallèles) ومن أعماله روافد مثرية للرصيد المعرفي ببلاد الإسلام . ثم اتجه إلى استنطاق رحلته الحجازية باعتبارها أثرا فنيا متعدد المظاهر (oeuvre polymorphe) يزخر بالمعلومات حول الرجل وعصره في مرحلة مفصلية من تاريخ العرب والمسلمين كما يفيدنا في ضبط مواطن التجديد والاجتهاد والإصلاح.

وأبرز إسهام الولاتي في تعزيز الروابط بين علماء جناحي العالم الإسلامي و تكثيف فرص المثاقفة والتثقيف بينهم في مجالات التدريس والإفتاء والتأليف بما يمهد الأرضية السانحة لانتشار الحركة الإصلاحية على أوسع نطاق، معرجا على نضالية الولاتي من خلال فتاويه التي تهدف إلى إنعاش القيم والمبادئ الإسلامية السامية وتوضيح المفاهيم قصد تنقية الشريعة مما علق بها من شوائب وما خالطها من زيغ و تحريف طيلة قرون الانحطاط والجمود والتخلف.

وختم مشاركته بتوصيات ومقترحات حول مواضيع الندوة بصورة عامة وحول الرحلة الحجازية على وجه الخصوص.

المحاضرة الثانية : الولاتي وجهوده اللغوية ـ محمدن ولد المحبوبي

 تحدث المحاضر عن جهود الفقيه في علوم اللسان، مقدما نماذج من إسهاماته في الدرس النحوي، وأمثلة من منتوجه في علم الصرف، وعينات من ثمرات فكره في حقل البلاغة والأسلوب تراوحت بين التأليف والتدريس، وبث كثير من المعارف النحوية بعدد من المراكز الثقافية والمحطات العلمية التي مر بها خلال  رحلته الحجية التي جلس خلالها عدة مرات لتدريس المتون النحوية. أما جهوده في التأليف فكانت أوضح وأبرز شملت تيسير العديد من النصوص النحوية وتسهيلها عن طريق النظم والشرح والملخص...

واعتبر المحاضر أن مؤلفات الولاتي اللغوية غطت مراحل الدرس النحوي المختلفة من المراحل التعليمية الأولى إلى المستويات الأكاديمية العليا فتدرج من الآجرومية إلى ابن مالك إلى السيوطي وابن هشام.

ثم استعرض نماذج من مؤلفاته مركزا على منظومته في علم التصريف التي قال إنها عبارة عن رجز سهل يقع في قريب مائة وأربعين بيتا يشمل موضوعات مختلفة تجمع جملة من مسائل التصريف، وتصوغها في قالب تعليمي ييسر حفظها على الطلبة والدارسين، ويضعها في متناولهم، ثم أشار إلى أنه يسر هذه المنظومة للناس بشرح لطيف ويبين غامضها، ويشرح المستغلق من ألفاظها. أما في علم البيان فأشار إلى أنه  خلف آثارا من أهمها شرحه لألفية السيوطي في البيان وعنوانه:  : "مرتع الجنان على عقود الجمان".

وختم المحاضر بالتعريج  على بعض أجوبة الولاتي خلال رحلته عن أسئلة تتعلق ببلاغة القرآن، وأسلوبه المتميز في الإعجاز كجواب عن معنى قوله تعالى: ﴿كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون﴾، وكيف أنه أبع في الجواب وفي مناقشة آراء  أئمة علماء البلاغة..

التصوف عند محمد يحيى الولاتي ـ محمد حنفي ولد دهاه

 حدد المحاضر في البداية مفهوم التصوف عند الولاتي، وموقفه من مختلف طوائف الصوفية ونقده لانحرافات بعض المنتسبين للتصوف مميزا في هذا الإطار بين التصوف الحقيقي والتصوف المنحرف. وشدد على أن قسوة الولاتي في نقده لبعض الصوفية إنما كانت من قبيل النصح، وأورد نماذج من أجوبته عن بعض الأسئلة المتعلقة ببعض الممارسات والمفاهيم الصوفية.

وأكد انتماءه للطريقة التجانية اعتمادا على مواقفه المبثوثة في كتبه المختلفة وعلى ما يحظي به الشيخ أحمد التجاني من مكانة لديه تدل عليها قصائد دبجها في مدحه إنشاء أو تربيعا، ومقامه بزاوية ابراهيم الرياحي التجانية بتونس، واعتمادا كذلك على شهادات شفهية نقلها المحاضر عن بعض الثقاة تؤكد انتماءه لهذه الطريقة...

المحاضرة الرابعة : جهود الولاتي في الحديث الشريف ـ محمد بن محمد الحافظ بن الراظي

 استهل المحاضر موضوعه بإبراز مكانة الفقيه العلمية لينتقل إلى تناول كتبه في مجال الحديث هي: 

-       شرحه مختصر صحيح البخاري لابن أبي جمرة واسمه "سلم الفقه والدراية" على "جمع النهاية في بدء الخير والغاية"  الذي حرص الولاتي  فيه كما قال هو نفسه على أن يهتم  ببيان وجه الدلالة في  ما يظهر له في الحديث من الفقه أو التصوف..

-       "نور الحق الصبيح في شرح بعض أحاديث الجامع الصحيح"، وكانت الغاية منه استنباط الأحكام الفقهية من الأحاديث النبوية، وهو كتاب ممحض لفقه الحديث قل نظيره في عصره.

ورأى الباحث أن الفقيه انفرد بفوائد مهمة في هذين الكتاب منها رفع إشكال بعض الأحاديث  وحرصه على التنبيه على مشهور مذهب الإمام مالك في كثير من المواطن التي لا يتفق فيها مع مذهب الشافعي وهو مذهب ابن حجر الشارح لصحيح البخاري.  هذا فضلا عن تخطئته لبعض كبار العلماء كابن هبيرة في حديث: " اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة"، وتخطئته النووي في أن الصلاة لا تكفر الكبائر، وتخطئته العسقلاني والقسطلاني لأنهما غفلا في نظره عن لفظ الحديث في حكمهما على لفظة: "أقسمت"، أنها غير صريحة في اليمين.... هذا بالإضافة إلى ربطه للحديث بالواقع كاستنباطه لذم ظاهرة تشغيل الأطفال في الكتاتيب وتكليفهم ما يشق عليهم، من أثر يذكر عن أم سلمة أخرجه البخاري في كتاب الديات من صحيحه...

-             رسالته في مصطلح الحديث: "مهيع الرشد والصواب الموصل إلى مصطلح حديث النبي الأواب"، الذي يعتبر من المختصرات الدراسية التي يكون الهدف منها جمع شتات مباحث الفن لإثرائها بالشرح والتحليل في مجالس الدرس.

المحاضرة الخامسة: محمد يحيى الولاتي في مواجهة محاولات التغلغل الاستعماري الفرنسي   - محمد الامين ولد حمادي 

 تناول البحث بالاستقصاء والتحليل موقف الفقيه محمد يحيى الولاتي من محاولات التغلغل الاستعماري الفرنسي في البلاد.. وبدأ ببيان اختلاف مواقف العلماء  من هذه المحاولات بين رافض للوجود الفرنسي وقابل به، مبرزا المستندات والحجج التي اعتمد عليها كل فريق. وخلص إلى أن الفقيه محمد يحيى الولاتي لم يبق بمعزل عن هذه الظاهرة الجديدة والمتمثلة في ظهور الفرنسيين على مشارف المناطق الحيوية للقبائل الناطقة بالعربية. ورصد الباحث جملة من المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع وحللها على ضوء ما كانت عليه الأحوال في عصر الفقيه الولاتي. كما قام باستقراء ما توفر من وثائق الأرشيف الفرنسي عن الفقيه الولاتي.

وانتهى إلى أن الفقيه الولاتي  ناصب العداء للمستعمر الفرنسي وعبأ الناس وحثهم على القطيعة مع "النصارى"،  دلت على ذلك مراسلاته مع قادة المجتمع من الزوايا حملة العلم و العرب أصحاب الشوكة. ولعل أبرز دليل على جهاده ومقاومته، ما كشفت عنه التقارير السرية  للإدارة الاستعمارية حيث ظهر أن موقف الفقيه الولاتي كان محط اهتمام بالغ للمستعمر لدرجة جعلتهم يرصدون كل حركاته وسكناته  ويعتبرونه من ألد أعدائهم في المنطقة.

المحاضرة السادسة : أدب الرحلات ـ يحي ولد سيد أحمد

 مهد الباحث لموضوعه بتأكيد أن ولاتة تعتبر بحكم حجم ونوعية ما تم الحصول عليه من تراثها الشعري والنثري مدرسة أدبية قائمة بذاتها. وناقش في ذلك محمد ابراهيم الكتاني الذي حكم على علماء هذه المدينة في تقديمه لكتاب فتح الشكور بأنهم لم يتجاوزوا ترديد ما قاله من قبلهم، جازما بأن حكمه هذا يدل على أنه لم يطلع على تراثهم الأدبي. وعزز الباحث موفقه بشهادة الدكتور محمد حجي  لمحمد يحيى الولاتي في تقديمه لتحقيق رحلته الحجازية بأنه كان أديبا شاعرا ناثرا.  كما استشهد بشهادة أخرى للفقيه من محمد باش طبجي الحنفي من تونس الذي وصفه بأنه: ( رجل تلوح عليه الشهامة، يمثل عربيا من تهامة، أو كأنه نشأ في بادية اليمن، أو أدبته امرأة من علياء هوازن، فلا غرو أن يحذو في نطقه الاعتيادي حذو العربية الفصيحة).

ونزل الباحث أدب الرحلة الحجازية لدى الولاتي في سياق أدب الرحلات الذي اعتبره فنا أدبيا عربيا عتيقا يجد جذوره الأولى في رحلة الشتاء والصيف، وأصبح بعد انتشار الأمصار الإسلامية موضوع تآليف كثيرة من الرحالة المسلمين...

ثم اتجه إلى عقد مقارنة بين رحلة الولاتي ورحلتي ابن اطوير الجنة الواداني وابن ابوّه اليعقوبي. شملت المقارنة إحصائيات دقيقة لمضامين الرحلات الثلاث وأساليبها والمساحات التي شغلها التأليف والوصف والشعر من كل واحدة منها. فأبرز مثلا انفراد الولاتي بكثرة المؤلفات المكتملة في رحلته والتي شملت نظما للآجرومية وشرحا له. وقال إنه في حين تضمنت رحلة الولاتي 12 قصيدة  فإن رحلة الواداني احتوت على 300 بيتا بينما أحصى287 بيتا  في رحلة اليعقوبي. ومع ذلك أشار إلى أن النفَس الشعري لدى الولاتي واليعقوبي طويل خاصة إذا احتسبنا الديوان الشعري لهذا الأخير. ولاحظ كثرة الوصف عند الواداني مقارنة مع الولاتي الذي قَصَرَ الوصف على الحرمين والمشاعر، بينما أغلب وصف اليعقوبي  كان شعرا.

 

 

  

  الشاعر عبد الرحمن دوكورى ( من جمهورية مالي)

 

لـم يـطـفـئ الـمـوت لـلـفقيه في iiالأمم

عـاش الــفــقــيــه بــلا نـد iiيـنـازعـه

قـد حـاز كـل فـنـون الـعـلم في صغر

مـحـمـد خـيـر مـن يـحـيـى iiبـحـكمته

مــحــمــد بــذَّ كــل الــكـاتـبـيـن بـمـا

فـعـلَّـم الـنـاس أصـل الـديـن iiمـنـبـعه

غـدت تـآلـيـفـه فـي الـديـن iiمـرجـعنا

ألـمـم بـمـا شئت من كتب له iiعظمت

هــو الــخـبـيـر فـلا تـعـدل بـه iiأحـدا

فــالــيــوم إن قـامـت الـدنـيـا تـخـلـده

والـشـيـخ كـان كـمـا يـبـقـى iiيـرافـقـه

إن الـخـلـود لـمـكـتـوب لـمـن iiبـقـيت

لـبَّـى بنو أعمر "الْمٌرْجِِيِّ" دعوتكم

فــالـشـيـخ كـان إمـامـا لـلأوائـل iiمـن

تــعــلــمــوا مـنـه أصـنـافـا iiوأجـوبـة

إنــا نــعــاهــدكــم آلَ الـفـقـيـه عـلـى

كــمــا نــخـلِّـد ذكـر الـعـبـقـري iiبـمـا

إنـا نـرى فـيـكـم خـيـر الخلائف iiعن

فـلـتـعـذرونـا عـلـى الأخطاء iiيجمعها

وصـحـحـوا الـلـحـن والأوزان إنـكـمٌ

دامـت عـلـيـكـم مـن الـرحمان iiنعمته








































ذكرا، بل الموت مغلوب لدى الأٌممي

تـاجَ الإمـامـة مـن عـرب ومـن iiعجم

أعــظـم بـه مـلـهـمـا بـالـخير من iiأَمَم

أهـل الـتـثـبـت فـي الأحـكام و iiالإزم

خــطـت يـداه مـن الأنـوار iiوالـحـكـم

وفـــرعـه مـن فـنـون الـعـلـم iiوالـقـيم

يـرى الـبصير بها الأنـوار في iiالظلم

قـدرا تـجـد خـيـر مـخـطـوط ومـغتنم

إذ كـعـبـه قـد عـلا حـقـا ذرى الـقـمـم

مـن بـعـد قـرن فلم تحدث سوى iiكرم

حـسـنٌ الـثـنـاء بـمـا أولـى مـن iiالنعم

آثـاره بــعــده تــهــدي ذوي الــهــمـم

آلَ الــفــقــيــه لـود غــيـر iiمـنـصـرم

أبـنـاء أعـمـر أهـل الـفـضـل iiوالشيم

مـن الـعـلـوم فـحـازوا الـسـبـق iiبالقلم

مـد الـجسور من الإخلاص في iiالذمم

يـروق مـن صـادق الأعـمـال iiوالـكلم

مـجـدد الـعـصـر ذي الـتنوير iiبالحكم

هـذا الـقـصـيـد مـع التقصير في همم

أسـاة كـل مــقــال غــيــر iiمــنــعـجـم

ودام فــيـكـم رجـال الـفـكـر iiوالـفـهـم

الجلسة الثالثة:

كانت الجلسة الثالثة يوم السبت 22 ديسمبر 2012 من التاسعة صباحا إلى الواحدة بعد الزوال، برئاسة السيد محمد الأمين ولد مولاي ابراهيم الذي أطر في البداية موضوع الندوة وما تسعى إليه من إبراز إسهامات الفقيه العلمية في شتى الميادين. ثم أحال الكلمة للمحاضرين.

 المحاضرة الأولى: جهود محمد يحيى الولاتي في مجال الحديث ـ محمد السرار ( المغرب)، الذي حالت ظروف إدارية دون حضوره شخصيا، فقرأ محاضرته نيابة عنه الأستاذ محمد ولد الفقيه

 نبه الباحث إلى إهمال من سبقوه لدراسة مؤلفات الفقيه محمد يحيى الولاتي رحمه الله ولجهوده في مجال الحديث النبوي الشريف، مقتصرين على التركيز على مشاركته في العلوم، وعنايته بالتنظير الأصولي والتفريع الفقهي، وذكر فكره الإصلاحي وبعد أن عرض مصادر بحثه، قام بتتبع مظاهر اهتمام العلماء المغاربة بآثار الفقيه ودراستها وحفظها. لينتقل إلى بيان أوجه خدمته للحديث النبوي رواية ودراية خدمة ندرت في عصره، فألف كتابا مستقلا في مصطلح الحديث ابتدأه ولم يرتبط فيه بمؤلف سابق هو: "مهيع الرشد والصواب الموصل إلى مصطلح حديث النبي الأواب". وفي مجال دراسة معاني الحديث ومتونه بين أن الفقيه رحمه الله كان له جهد متميز، فعمَد إلى "صحيح البخاري" يشرح أحاديثه شرحين: شرحا كبيرا للصحيح نفسه بعنوان: "نور الحق الصبيح في شرح بعض أحاديث الجامع الصحيح" وشرحا آخر لمختصر ابن أبي جمرة للصحيح، سماه: "سلم الفقه والدراية على جمع النهاية". وأورد  الباحث أمثلة من بحث الفقيه رحمه الله في معاني الحديث بدراسة ثلاثة أحاديث مختلفة في العبادات والعقائد والمعاملات، ليختم موضوعه بخلاصات ركز فيها على ضرورة إبراز إسهام علماء المغرب الإسلامي في مجال الحديث وهو إسهام امتد قرونا  طويلة في دراسة علوم السنة و استنباط الأحكام  من متون الأحاديث الشريفة.

 

المحاضرة الثانية : الفقيه والمجتمع في المجال الصحراوي :  محمد يحيى الفقيه ومجتمع "ولاتة" نموذجا ـ عبد الودود ولد عبد الله

بدأ الباحث تأصيل موضوعه ببيان أن مدينة "ولاتة" كانت مهدا لحضارات متنوعة، وعرضة لتحولات جسيمة، كما يظهر من اختلاف تسميتها من مرحلة إلى أخرى: فهي "بيرو"في "العصر السوداني الغاني"، و"إيولاتن" في "العصر التكروري المسوفي"، وأخيرا "ولاتة" في "العصر الشنقيطي".

وتوقف عند "العصر الشنقيطي" ليبرز ما وقع للمدن التجارية فيه من خضوع للبدو المتغلبين على أحوازها، في جو من انعدام الأمن واختلال النظام المتفاقم بعد بروز التهديد الاستعماري، ويستعرض تباين مواقف  العلماء الشناقطة من أزمة المجتمع وتهديد الوافد الأجنبي، بين من يرى منهم ضرورة الحفاظ على الوضع القائم المهدد مهما كانت سلبياته، مفضلا "الظلم مع الإيمان" على "العدل مع الكفر الجلي" وبين من  يري في هذه النقمة نعمة وفرصة للإصلاح وإحياء الدين مادام النصارى لا يتعرضون له، مقابل الخضوع لهم في أمور السياسة.

ثم انتقل إلى تحديد ملامح مشروع الولاتي، مبرزا أنه تشكل في السياق الآنف الذكر، وكان هدفه  إصلاح المدينة سبيلا إلى إصلاح المجتمع عبر السعي إلى تصحيح المفاهيم الشرعية وصقلها مما لحق بها من رواسب الاستعمال العامي، ونقد شرعية المؤسسات المرجعية في المدن الصحراوية (رفض شرعية مؤسسة جماعة المدينة، والقضاء والإمامة المنبثقين عنها، وما ينجر عن ذلك من ممارسات اعتبرها جائرة: توريث الخطط الدينية، فرض المداراة، إلخ.). وبين كيف أن نقد الولاتي امتد إلى مفهوم "المدينة" نفسه بحيث لا يمكن اعتبارها قائمة شرعا بمجرد ارتفاع المباني والاكتظاظ بالقاطنين، بل لا بد من توفرها على جملة من المقومات السياسية (استتباب الأمن، وجود السلطان الشرعي أو الجماعة المتفقة المطاعة القائمة مقامه)والتنظيمية والاقتصادية (الأمن الغذائي، السوق).فبدون هذه  المقومات لا يمكن اعتبار التجمع السكاني مدينة، بل لا تجزئ صلاة الجمعة في مثل هذه القرية الظالم أهلها.

وخلص إلى أن الولاتي كان يسعى، فيما يبدو  عبر هذا النقد الجذري إلى إعادة تأسيس مجتمعه على قواعد راسخة عمادها العلم والتعلم. ففي غياب الإمام وانعدام الجماعة الشرعية القائمة مقامه، يتعين على العلماء التصدر للتوجيه، فيما يمكن اعتباره نمطا من "ولاية الفقيه" من منظور سنّي. ويتعين على المسلمين أن يستجيبوا لدعوة الفقهاء الرامية إلى إصلاح المجتمع وتجديد الدين وتحصين الكيان في مواجهة الوافد ضمن مشروع يمكن اعتباره ضربا من الإحيائية الممانعة.

المحاضرة الثالثة : مكانة أصول الفقه عند الولاتي ـ محمد يحيى ولد احريمو

 استهل الباحث محاضرته ببيان مكانة علم الأصول عند محمد يحيى تأليفا وممارسة. و حصر أسباب هذه المكانة في عوامل منها ما هو موضوعي يتعلق بأهمية علم الأصول من حيث هو أداة لاستنباط الأحكام ووسيلة لفهم مقاصد ودلالات النصوص الشرعية. وهو ما استشعره الفقيه في وقت مبكر. ومنها ما سماه الباحث عاملا ((جمعويا))، ورده إلى  شعور الولاتي  بمسؤوليته الخاصة تجاه المصلحة لعامة وتعين الاشتغال  بأصول الفقه عليه هو شخصيا لأهليته لذلك ولأن هذا العلم   الضروري لإقامة علوم الشريعة وتخريج النوازل والفتاوى أضاعه الناس في عصره وغفلوا  عنه.

ثم اتجه إلى ذكر مؤلفات الفقيه الدالة علي عنايته البالغة بهذا العلم وتميزه فيه، وعدها عشرة، تؤهله لأن يعد ضمن العلماء الموريتانيين الأكثر اهتماما بأصول الفقه وتأليفا فيها. وقدم المحاضر باقتضاب كل واحد من هذه المصنفات، مبرزا أوجه الجدة فيه. واعتبر تلخيصه كتاب أصول البزدوي في المذهب الحنفي دليلا على إدراكه لأهمية استلهام التجربة الحنفية في تخريج النوازل على مقتضيات الأصول.

وخلص الباحث إلى أن مؤلفات الولاتي تغطي كل المستويات العلمية  والمقاصد التي يهتم بها المؤلفون في علم الأصول  عبر سلم التدرج الطبيعي لطلبة المحاضر، وقدم أمثلة على ذلك، وبين كيف أن أسلوبه في تفكيك النصوص الأصولية المستعصية يثير إعجاب الطلاب والباحثين خصوصا شرحه على مراقي السعود وشرحه على مرتقى الوصول لابن عاصم.

وفي النهاية عمد الباحث إلى ذكر مسائل أبدع الولاتي فيها، معرجا على جمعه بين ((التصوف التيجاني)) و((السلفية المعتدلة))، ومؤكدا أن الرجل كان عالما متبصرا مطلعا على أدلة الفقه وأصوله لم ينس مع ذلك نصيبه من الفقه، باحثا دائما عن استثمار هذه القواعد و توظيفها في تخريج النوازل الفقهية موردا أمثلة من ذلك الاستثمار.

المحاضرة الرابعة : الولاتي وكتابه الناسخ والمنسوخ ـ شيخنا بشيري ولد انديده

 بدأ الباحث  بمقدمة تناول فيها أهمية القرآن الكريم وحفظه من التبديل والتغيير والزيادة والنقصان مصداقا لقوله تعالى: ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون))...

ثم انتقل إلى صلب موضوعه وقسمه إلى محورين، استعرض في الأول منهما  شخصية الفقيه العلمية وما امتازت به من قوة  وتعدد في المواهب وغزارة في العلم وسعة في الاطلاع وطول نفس في البحث والمناظرة. وتعرض في المحور الثاني لكتاب الناسخ والمنسوخ ومنهج وأسلوب الفقيه فيه  مبينا  قيمته العلمية  من خلال الأوجه التالية:

·       توخي المؤلف الدقة والأمانة العلمية، حيث لم ينقل رأيا إلا وعزاه لصاحبه.

·       البراعة في تلخيص ما ذكره بعض المحققين القدامى

·       الفوائد الجمة التي تضمنها الكتاب كمقدامات لعلم النسخ

المحاضرة الخامسة : محمد يحي الولاتي الإشعاع العلمي والتواصل الثقافي ـ عال ولد مروان

 تناول المحاضر السياق التاريخي والاجتماعي الذي كانت تعيشه المنطقة التي نشأ فيها الفقيه محمد يحيى الولاتي، وأثر ذلك في تشكيل شخصيته، قبل أن ينصرف إلى مراحل دراسته وتكوينه ونبوغه المبكر والمكانة العلمية السامقة التي وصل إليها، وذكر بعض أشياخه وتلاميذه، ووصف جدولة حياته اليومية ودلالة كل ذلك  في مسيرته وإنتاجه العلمي الغزير.

وتوقف عند رحلته إلى السودان ضمن الوفد الولاتي ودوره المؤثر في إعادة فتح طريق التموين إلى ولاته ومد جسور التواصل بينها وبينها مجالها الحيوي.  وفي هذا السياق استعرض الباحث محطات الرحلة الحجازية للولاتي وما تميزت به من عطاء علمي وتبادل ثقافي، وما أسست له من صلات علمية لا تزال آثارها ملموسة إلى اليوم.

وختم بذكر موقف الفقيه من التغلغل الاستعماري وجملة من آرائه الإصلاحية وما بذله من جهد في التصدي  للأعراف والعوائد التي لا تتوافق مع صحيح السنة

المحاضرة السادسة : المحطة التونسية في رحلة الولاتي ـ محمد الامين ولد سيد المختار

 

اعتبر الباحث محطة تونس من ألمع محطات رحلة العلامة محمد يحيى الولاتي الحجازية، وذلك انطلاقا من حيوية هذه المحطة وما ترتب عليها من آثار تمثلت في تأليف رسائل ومناظرات علمية. فقد نزل الفقيه  في زاوية الشيخ إبراهيم الرياحي فرحب به مقدمها سيد الطاهر بن سيد إبراهيم، واحتفى به علماء تونس وفضلاؤها وكان محل تقدير وإكرام من قبلهم. ورغم أن فترة إقامته في تونس لم تتجاوز ثمانين يوما، إلا أنها كانت حافلة بالعطاء العلمي، ألف فيها حسام العدل والإنصاف القاطع لكل مبتدع باتباع الأعراف، والرسالة الشنقيطية، وربع سينية الرياحي. 

كما ترجم له محمد باش طفجي الحنفي ترجمة متميزة،  ذكر فيها أنه انتفع من علمه الغزير في هذه مدة إقامته اليسيرة خلق كثير، كان هو من أبرزهم، حيث روى عنه ((الموطأ وصحيح البخاري والشفاء قراءة وعرضا ومناولة وبقية الصحاح الستة مناولة)) و كتب له  ((بخطه الشريف إجازة في جميع ما له سند فيه))، وأشاد  بما تميز به من " فصاحة اللسان وقوة الجِنان وتحسين العبارة والتأنق في الإشارة وبَداهة الجواب ومُصادفة الصواب واستحضار المسائل وإقامة الدلائل ولُطف الأخلاق وفتح الإغلاق وكثرة النقول مما يبهر العقول)). وأكد الباحث أن من آيات إعجاب التونسيين بالولاتي استمرارهم في متابعة أخباره إلى أن بلغتهم وفاته رحمه الله فرثاه الشيخ محمّد السنوسي بن الفقيه إبراهيم القابسي، قاضي مدينة قابس بقصيدة عصماء أورد الباحث بعض أبياتها.      يتواصل...

 

الجلسة الثانية:

مساء يوم الجمعة 21 ديسمبر 2012 من الساعة الرابعة والنصف إلى الساعة الثامنة، وكانت برئاسة الدكتور جلو إبراهيما

 

 المحاضرة الأولى : تراث محمد يحيى الولاتي في تيشيت ـ حماه الله ولد ميابى

أبرز المحاضر في البداية شهرة الفقيه محمد يحيى المبكرة وامتداد إشعاعه العلمي بعيدا عن موطنه ومدينته المنشئ والمدفن ولاته إلى كثير من مناطق العالم الإسلامي. لينتتقل إلى تأكيد أن مدينة تيشيت المصاقبة لولاته وصنوها كانت من أوائل المناطق استشعارا وتأثرا بالرجل، لقوة الوشائج والأواصر بين المدينتين. وأكد السيد حماه الله أن  اللحظات البارزة في حياة الفقيه محمد يحيى كانت حاضرة ومؤثرة في الحياة التيشيتية حيث بقي له فيها من الآثار ما ينم عن قوة حضوره في حياتها، إلى حدود تجعل الدارس يتخيل أنه كان يقوم من وقت لآخر بزيارة تيشيت رغم عدم قيام أي دليل على ذلك سوى قوة الحضور وكثافة التأثير.

وأعاد قوة علاقة الولاتي بتيشيت إلى عوامل أساسية منها القرب الجغرافي بين المدينتين والتبادل التجاري النشط بينهما، ثم العلاقة الصوفية التجانية الخاصة بينه وبين تيشيت الحاضرة التيجانية حينها بامتياز في تلك الجهة، فقد أخذ هذه الطريقة على يد أحد أبناء تيشيت هو الشريف سيدي الشريف(علما) بن محمد بن أحمد بن الإمام محمد، إمام القريتين(تيشيت وآغرجيت)...

ثم عرض الباحث شواهد كثيرة تبين حضور الولاتي في تيشيت منها الرحلة الحجازية، وتوقفه الطويل في بدايتها بهذه المدينة، وما لقيه من إكرام من أهلها. وقد كانت هذه المحطة التيشيتية فرصة لالتقاء بأشخاص من كبار أعلام تيشيت كانت أخبارهم منقطعة، ولقيام الفقيه بتدريس كثير من النصوص والكتب وبتأليف بعض تصانيفه المهمة فيها. كما أن المقام التيشيتي للرجل اُثمر تواصلا  لم ينقطع أبدا تشهد له المراسلات المتبادلة بينه وبين أعلامها والفتاوى والنوازل المشتركة بينهما ...  كما توقف الباحث عند دور الرحلة  الحجية التي دونها  الولاتي في كشف التركيبة السكانية لتيشيت في ذلك الوقت وأنماط عيش أهلها ونوع عمارتها...

المحاضرة الثانية : العرف والمصلحة في فتاوى محمد يحيى الولاتي ـ يحي ولد البرا

كانت المحاضرة محاولة للتعرف على كيفية تعامل الفقيه الولاتي مع النوازل ذات التعلق بالأعراف والمصالح باعتبارها مجالا لنوع من النظر الاجتهادي تختلف فيه عطاءات المفتين وتتباين مواقفهم. ورأى المحاضر أن الفقيه الذي دافع كثيرا عن المذهب المالكي وناهض بشدة أولئك الذين ادعوا مرتبة الاجتهاد وحاول ردهم إلى منزلة التقليد، قد ذهب في فتاويه إلى اعتماد نوع من الاستدلال ينبئ عن اقتناعه ببلوغ درجة من الاجتهاد تخوله الأخذ والرد والنقض والتعقيب.وقام الباحث باستعراض نماذج من إعمال النظر عند الفقيه الولاتي من خلال مسألتي العرف والمصلحة تدل في نظره، على أنه وإن أظهر في بعض فتاويه أحيانا ميلا إلى الاجتهاد الإنشائي بالرجوع إلى الأصول، والتماس الدليل منها كما يشهد لذلك بالغ استعماله وتوظيفه لمسائل علم الأصول التي دلت مؤلفاته العديدة المتعلقة بها على أهميتها في تفكيره الفقهي، وبين ذلك أيضا حضورها الكثيف في فتاويه وأجوبته، إلا أنه في غالب فتاويه ينحو منحى التبصر والترجيح. فهو يفتي بنصوص المذهب بالمتفق عليه منها وبالراجح من المختلف فيه منها. وإليه النظر في الترجيح لحصول آلته عنده لأنه يدرك تغير الأحكام وأنها تابعة للأحوال والأفعال لا للأعيان.

المحاضرة الثالثة : منهج الفتوى عند محمد  يحي الولاتي ـ محمد إدير أمشنان (الجزائر)

تناول المحاضر في البداية علاقته الشخصية بالولاتي ومصدر إعجابه به، رادا ذلك إلى كتاب  للفقيه هو(( إيصال السالك في أصول الإمام مالك)) أطلعه عليه بعض طلبته في أحد المساجد الجزائرية فأعجب به وانتهى به الأمر إلى تحقيقه.

وتعرض بعد ذلك لمنهج البحث عند الولاتي وطريقته في الإفتاء مشيرا إلى أن آراءه في الفتاوي يمكن أن تعتبر أساسا للدراسات الاجتماعية والنفسية والتاريخية. وأشاد بلغة الرجل المتميزة في دلالاتها وإيحاءاتها مؤكدا على أن هذا المستوى لا يناله إلا من بذل الجهد الجهيد. كما تحدث عن جهوده رحمه الله في الجمع بين التفريع والتأصيل، مؤكدا ندرة هذا المنهج لدى العلماء في عهده. وخلص إلى أن الفقيه حافظ على أصالته الفقهية ذات المرجعية المالكية وعلى أهمية الفكر للأمة، فهو يجمع بين فقه الرأي وفقه الأثر، مبينا أن مجموعته الإفتائية يظهر فيها التفاعل بين المجتمع وبين الفقه والتشريع.

المحاضرة الرابعة: ملامح الرؤية الإصلاحية من خلال عطاء الولاتي ـ المصطفى ولد خطري

أبرز الباحث قيمة الإنتاج العلمي للولاتي ومظاهر الإصلاح المتعددة فيه مستعرضا دلائل على دوره البارز في مواجهة حالات الجهل السائدة وأوضاع البداوة والتسيب وما تطرحه من نوازل ومشكلات شرعية لا حصر لها، وانعكاس كل ذلك في نوعية إنتاج الرجل الذي ركز فيه  على الفقه والأصول والقواعد والفروع اعتمادا على عيون وأمهات الثقافة العربية الإسلامية، وبأساليب مناسبة لكل مقام ونوع  فمنها المشروح ومنها المنظوم ومنها المختصر...

وتوقف عند أهم ما يميز مواقف الرجل وآراءه فأبرز من ذلك: الصراحة ووضوح الرؤية والصرامة ومقارعة الحجة بالحجة، والدعوة إلى إصلاح أحوال المجتمع السائب بالعلم والعدل والاستقامة، والثورة ضد استرقاق الناس دون سبب شرعي، وضد استغلالهم، وضد عوائدهم التي لا تماشي الشرع كوراثة الإمامة والتقدم للقضاء والإفتاء دون الإلمام بشروط ذلك الشرعية.وانتهى إلى إن الرؤية الإصلاحية عند العلامة محمد يحي الولاتي اعتمدت على نظرة معرفية مركبة قائمة على إدراك الواقع وتحدياته وعلى الرغبة في تغييره، لكن عن طريق العلم ونشره وإحياء أصول الشرع وقواعده سبيلا إلى نشر العدل والإصلاح...

المحاضرة الخامسة : الإصلاحية الفقهية الحديثة وإرهاصاتها، محمد يحيى الولاتي نموذجا ـ أبو بكر ولد المراواني

انطلق المحاضر من التذكير بفترة الانحطاط والركود في تاريخ التشريع الإسلامي والتي ضعف فيها الاجتهاد وقصر الجهد عن الاستنباط السليم وانشغل العلماء باجترار المتون وشروحها وحواشيها غافلين عن قضايا المجتمع المسلم وتحديات وجوده الحضاري.

واعتبر أن مشروع  الفقيه محمد يحيى الولاتي يتنزل في إطار محاولات جادة سعت إلى القطع مع تك الفترة، وإلى إعادة النظر في الفقه ونفض الغبار عنه وعرضه أصيلا منقى من الشبهات. ونبه إلى أن الفقيه قام بهذا الجهد المتميز ببراعة مشهودة في أسلوبه الواضح السلس وفي اهتمامه بإحياء السنة والعودة إلى الأصول والقواعد الفقهية  والحرص على تحرير المسائل وتوضيحها، فكان بذلك سابقا لما ستصل إليه الحركة الإصلاحية الفقهية الحديثة فيما بعد على أيدي روادها الكبار من أمثال سيد سابق صاحب فقه السنة.

ويرى الباحث أن مظاهر الإصلاحية الفقهيه الحديثة عند الولاتي يمكن تلمسها في النقاط التالية :

-        العودة إلى المصادر الأصلية للنصوص الفقية،

-        ربط الأحكام بالأدلة مع الاحتراز من الضعيف،

-        العودة إلى أصول الفقه وربط الفروع الفقهية بالكليات،

-        الأصولية مع مراعاة مقاصد الشريعة في الاستدلال،

-        الإصلاح في بعده الاجتماعي وهو طرح رؤية متوازنة تراعي التوازن بين فقه الواقع واعتماد العادات بالإضافة إلى نبذ البدع والتقاليد الفاسدة،

-        الاستقلالية في التفكير الفقهي بإعمال العقل في استثمار معاني النصوص سواء في التأليف أوفي المناظرة.

 

المحاضرة السادسة: نقد علم الكلام الفلسفي عند الولاتي ـ البكاي ولد عبد المالك

 

تناولت هذه المحاضرة علم الكلام عند الفقيه من خلال تحقيق رسالته الموسومة: الأجوبة الشافية في علم الكلام. وقد اعتمد الباحث في عمله أسلوب النقد والتحليل والمقارنة. وبدأ بتوطئة مفيدة أبان فيها بعض المفاهيم المفاتيح لفهم علم الكلام والمقاربة التي تناوله بها مميزا بين قولين فيه أحدهما داخلي والآخر خارجي.

ثم أشار إلى ما تضمنته الرسالة من الآراء الكلامية عند الفقيه مع تحديد بعض المفاهيم الكلامية، مؤكدا أن طابع السجال النقدي طغى على أسلوب الرسالة، وأن بعد  الرسالة الفلسفي يكمن في الرد على المتكلمين مع الإشارة إلى خطر علم الكلام والتأكيد على فائدته المتمثلة في حراسة العقيدة وفي الدفاع عنها.  

                                                                                                  يتواصل....

المحاضرة الخامسة : ولاته : ملتقى الثقافات بين المغرب الإسلامي والسودان في الفترة ما بين 1204 – 1912 للميلاد – الأستاذ محمد الأغظف ولد الداه والأستاذ محمد البشير ولد حمادي 

استعرض المحاضران واقع ولاته في الفترة المنوه بها؛ حيث كانت نقطة إجبارية للعبور من الغرب الإسلامي للسودان الغربي، واستمرارا للموانئ الصحراوية الأقدم منها كأوداغست وكمبي صالح، في الوقت الذي كانت فيه محطة مهمة لتصدير الملح إلى السودان، الأمر الذي ربطها بالمدن الأخرى التي تلعب تجارة الملح الدور الرئيسي في أنشطتها الاقتصادية كوادان و شنقيط  وتشيت. فكانت مدينة قوافل بامتياز، فازدهرت أسواقها وتدفقت الهجرات نحوها...

 وقد امتازت بالإشعاع حضاريا وثقافيا على محيطها القريب والبعيد، وبذلك ظلت مركز إشعاع علمي متميز بنظامه التعليمي الذي عز نظيره في البلاد، وأنبتت بإذن ربها ثمرا طيبا ،علماء نجباء تميزوا بعطائهم العلمي...

  وخلص الباحثان إلى أن الفقيه  محمد يحيى الولاتي  ليس في الحقيقة  إلا شجرة طيبة من نبت هذه الأرض المعطاء، أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وإن تميز ثمرها بوفرته وحلاوة مذاقه ودنو قطافه، فلا غرابة في ذلك لمن يتلوا قول الله تعالى (وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل) 

 

وقد شرف العلامة محمد الحسن ولد الددو الندوة بحضور الجزء الأخير من هذه الجلسة وتناول الكلام فيها معتذرا عن عدم التمكن من حضورها من البداية إلى النهاية بسبب مانع السفر أولا ثم ارتباطات أخرى شغلته بعد ذلك. ونوه بمبادرة الاحتفاء بالفقيه محمد يحيى الولاتي الذي اعتبره من كبار المجددين في هذه البلاد. وأشاد بالآثار الطيبة التي خلفها في فنون وميادين الشريعة كافة، والتي لم يسبق إلى الكثير منها.. مضيفا أنه: " ومن فضل الله سبحانه وتعالي ومنته على أهل هذه البلاد أن جعل هذا المجدد العظيم من الذين عاشوا فيها ودرسوا فيها .... فقد جدد الكثير من العلوم التي اندرست العناية بها في زمانه وبالأخص في بلاد المغرب الإسلامي، فاعتنى بعلوم الحديث وشروح الصحيح وأصول الفقه والقواعد الفقهية، وهذه العلوم كانت في وقته قد اندرست أو كادت، فقليل من الناس من يهتم بهذه العلوم الثلاثة. وكذلك اعتنى بعلم التفسير وإن كان موجودا في ذلك الوقت في بعض المناطق، لكنه أتى فيه بالتجديد وحرص فيه على ذلك".

واعتبر الشيخ محمد الحسن أن هذا اللقاء " إنما هو جزء من أداء الحق الذي لهذا الرجل فهو يستحق أكثر من هذا، يستحقه على الدول، وينبغي أن يكون مؤتمر يتحدث عن هذه القامة العملاقة مؤتمرا دوليا تقوم عليه الدول وتخصص له إمكاناتها، فإنه ذكر له ولقومه، فقد امتن الله على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن فقال: " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون".

                                                                                 يتواصل

 

                                  
                                                                التقي ولد الشيخ


 
 درة ولاتـــــــــــــــــه:
 أما حانت إلي الماضي الــتــفاتـــــــــــــه
 لنـــفتح كـــنز د رتــنا ولاتــــــــــــــــه
  بــــذكري من قد أهدي العمر غضــــــــا
لخــــــــدمتها وأودعها رفاتــــــــــــــــــه
محــــمد الـــذي مــازال يحيـــــــــــــــــا
بــــــذاكـرة الزمـــــان وما أماتـــــــــــه
مــعـــلم مـــصــره بـــــــــل كـل مـصـــر
بحــور علومه غمرت أضاتـــــــــــــــــه
ســـلوا عنه الحجاز وقــيروانــــــــــــــــــا
 وفــــاسا واسـألــــــــوا عنه تواتــــــــــــــه
تــــجــــــلـــيــــــه لــــكـــــم ألـــف ولام
عن الفـــــــقهاء إن غمزوا قناتـــــــــــــــه
فـــكـــم أحـــيــــى مــــوات الـــــعـلم قــدمـا
وأجري في غــــوامضه دواتــــــــــــــــــــه
وصــــان ولاتــــــــة مــن ذي ابـــتـداع
يـــحــل مـــنــاتــــه فــيـــها ولاتــــــــــه
وإن نـــــــزل الــــغــــريـــب عــليه ضيفـا
كــــســاه مـــن مــعـــارفـــه وقـــاتــــــــه
وحـــيــث أتـــي الـــعويــص فـليـس يـرضـي
بـــغــيـــر الـــفـــهـــم مـتـقـــدا كـشـاتــــه
عــلــي أنــا إذا مـــائـــة تـــولـــــت
عـــــلـــي مـــن جــد د الـــبـيـضا حـيـاتــه
نـــــسـر لـــــــــه بـأحـفــا د كـــــــرام
عــــلــــي نــهـــج الـــهـدي ثــبــتـوا ثـباتـه
 ونـــعــــرف فـــيـــهم للـشيــخ مــعـنــي
ونـــبـــصــر سـمــتــه فـيـهــــم وذاتــــه