من نشاطات المركز: مئوية الولاتي

 ولاتة...أنت أخلد من لحظة عابرة، أنت شِقْشِقَة الكون المهيمنة على كل بيان، والغنية عن كل فلكلور ومهرجان، ولولا العقوق المتمكن والصدود الذي كاد يكون فصالا، لما تشبثنا بكل لائح في أفقك الفسيح... فجرًا صادقا كان أو برقا خلَّبًا...

أنت من أنت في قلوبنا المسلوبة إلا من حبِّك العذري... لفرط عفتنا -أو خفتنا- لا نقوى على الاقتراب منك، فالاقتراب منك يكبح فينا التلذذ بطيفك الفاتن، يفقدنا الاحترام عند بابك، يفضح أمرنا أمامك...

كم سَمِعْتِ أننا نحبك ونعتز بك ونُجِلُّك، ونتباهى بالانتماء إليك، ونُمْعِنُ في الاستئثار بك، إذ لا حسدَ إلا فيك ولا مجد إلا منك.....

لا نريد أن تسألي عن حقيقة ما نحب منك وفيك...

لا نريد أن تختبري مدى التزامنا بالمعاني السامية التي نَحَتِّ من الحجارة الصَّلْدِ وأنبتِّ في الأرض اليباب وسقيت برحيق العقول الخالص وبثثت بسخاء في كل الأرجاء... فنحن بكل بساطة وصراحة ضيعنا كل شيء... ومن أجل لا شيء...

ولاتة مأدبتَنا الأولى والأخيرة...إن لم يبق منك إلا رُضَاضٌ، فإن فيه لنا كفاية...مع يقيننا أنه لا يرضيك أن لا نظفر إلا بفتات المائدة، حتى ولو كانت مائدتك أنت التي هي دائما الأشهى والأوفر...

ولاتة لن يستطيع الدهر مهما أكل وشرب منك...أوعليك، ولا فرق،  أن يتسلل بيننا وبينك...وإن تسلل فليتذكر أنه لا يُهلِك نقيرا...فالذي خلقه وأرسله كتب لكِ الحفظ الأبدي في القلوب والعقول... وكتب علينا الجهاد من أجل استعادتك وهو كره لنا...

ومن نحن حتى نغير مكتوبا أو نَكْرَهَ محبوبا...

ما نحن يا ولاتة إلا بقية مما تَرَكْتِ تحملها ذاكرتنا المسكينة صورًا باهتة نستحضرها لحظات النشوة والامتلاء بالذات...وننساها عند الامتحان الفعلي، حين لا ينجي الولاتي إلا صدق دعواه وخالص وفائه لقيمه قولا وفعلا... والله المستعان اليوم وغدا...

                                                    حسني الفقيه